الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الاكتئاب والخوف ووسواس الموت، كيف الخلاص من ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب أبلغ من العمر 22 عام، غير مدخن، ولا أتناول مشروبات الطاقة بكافة أنواعها، لم أعان من قبل من أي أمراض، ولم أدخل مستشفيات أو عيادات من قبل، لا يوجد أي أمراض لدي، ولا أمراض وراثية في عائلتي، أعاني منذ 40 يوم من آلام في الصدر مجهولة السبب (كل طبيب يقول لي بسبب كذا أو كذا ولا نتيجة للعلاج).

بعد أن بدأ الألم بخمسة أيام أصبت بوسواس الأمراض والموت، انقلبت حياتي من شاب حيوي إلى شاب كالجماد، أكره مغادرة السرير، ولا أتكلم إلا قليلا، عملت فحوصات للقلب والغدد وكانت كلها سليمة، ذهبت لأفضل الأطباء والاستشاريين وجميعهم يخبرونني لا يوجد شيء.

الحالة النفسية والاكتئاب والوسواس لا يذهب، أشعر أحيانا بتنميل في وجهي ويدي، ولسعات في كافة جسدي، أصاب أحيانا بانهيار عصبي ونزول ضغط.

هل ما لدي هو إصابة بالعين أو الحسد؟ حيث إن أختي أصيبت قبل 4 سنوات بالعين وتعافت بعد 3 سنوات من المعاناة، فكيف أتخلص من الوسواس وأعود لطبيعتي؟

أرجو إرشادي لأنني والله تعبت وأرهقت تماما.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

نحن سعداء جدًّا أنك على درجة عالية من الالتزام، فأنت لا تتناول مشروبات الطاقة، وحريص على صحتك، وحقيقة: الآلام التي تأتيك في الصدر سببها نفسي، هذا أكيد، والتفسير العلمي لها هو: أن بعض الناس لديهم ما نسمّيه بالقلق المقنّع -أي القلق الذي لا يظهر في شكل توتر نفسي حقيقي، ويظهر في شكل أعراض جسدية-.

أنت تعاني من وساوس، ولديك مخاوف مرضية ومخاوف من الموت، وهذا أيضًا دليل على وجود القلق، فإذًا القلق يتحوّل إلى توتر، والتوتر النفسي هذا يتحوّل إلى توتر عضلي، وأكثر عضلات الجسد التي تتأثّر هي عضلات القولون، لذا نجد مَن يشتكون ممَّا يُسمّونه بالقولون العصبي، وهو في الحقيقة القولون العُصابي، بعض الناس يشتكون من الصداع الجبهي -أي الصداع الأمامي للرأس- وذلك لأن فروة الرأس عضلة كبيرة جدًّا، والذين يُعانون من شيء من القلق قد تنقبض لديهم هذه العضلة ممَّا يجعلهم يحسُّون بما يُسمَّى بالصداع الجبهي، وهكذا بالنسبة للصدر أيضًا، عضلات القفص الصدري تتوتّر وتنقبض مع القلق النفسي الداخلي، هذا نُشاهده كثيرًا، وهذا قد يُسبب آلامًا أو وخْزًا في الصدر.

فإذًا الحالة ناتجة من القلق النفسي، وهي حالة غير عضوية، -والحمد لله- أنت فحوصاتك كلها سليمة.

شعورك بالتنميل في الوجه واليدين ولسعات في كافة الجسم هو جزء من الحالة النفسوجسدية، أي أن القلق الداخلي المقنّع انعكس على جسدك.

العين حق، وكذلك الحسد موجود، لا أعتقد أن حالتك سببها هذه الأمور، لكن قطعًا المؤمن كيس فطن، يجب أن تتحصّن، حافظ على صلواتك، احرص على الدعاء، وحافظ على الأذكار اليوم والليلة -خاصة أذكار الصباح والمساء- أذكار النوم، وأذكار الاستيقاظ، والورد القرآني اليومي، ارقِ نفسك، هذه كلها مُحصنات مطلوبة.

حتى الحالات النفسية الجسدية والتي لا علاقة لها بالعين والحسد التحصين من شرورها يُفيد، وكذلك الذكر على الدوام يُفيد الإنسان.

أنت مطالب بأن تمارس الرياضة، الرياضة هي علاجك الأساسي، تؤدي إلى امتصاص القلق، تؤدي إلى انفراج في التوتر العضلي ممَّا يجعلك لا تحس بهذه الآلام في الصدر، ويجعلك تحس بالحيوية، الرياضة مهمّة جدًّا، تقوّي النفوس قبل أن تقوّي الأجساد، فهي علاج أساسي لك، وحتى التنميل سوف يختفي، واللسعات في كافة الجسد سوف تختفي، الرياضة ثم الرياضة ثم الرياضة، وعليك أيضًا بتمارين الاسترخاء، تمارين شد العضلات وإرخائها، وكذلك التنفس التدرّجي، توجد برامج كثيرة جدًّا على اليوتيوب توضح كيفية تطبيق هذه التمارين.

بقي أن أصف لك علاجًا دوائيًا، وإن استطعت أن تذهب إلى طبيب نفسي هذا أمرٌ جيد، وإن لم تستطع فإن هنالك دواءان يمكنك تناولهما، الدواء الأول يُسمَّى (زولفت) واسمه العلمي (سيرترالين)، تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة -أي خمسة وعشرين مليجرامًا- يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها حبة واحدة يوميًا لمدة أربعة أشهر، ثم نصف حبة لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومين لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

والدواء الثاني يُسمَّى (دوجماتيل) واسمه العلمي (سلبرايد) تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا مساءً لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناوله.

كلا الدوائين من الأدوية السليمة والممتازة والفاعلة، ولا يؤديان إلى التعود، ولا الإدمان.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً