الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من قلق ومخاوف تجعلني أفضل العزلة.

السؤال

السلام عليكم..

أنا طالبة جامعية، عمري ١٨سنة، أعاني من أعراض نفسية منذ ٣ سنوات ومستمرة معي إلى الآن، أشعر بالقلق والخوف دائما من أقل الأشياء، تتسارع ضربات قلبي، ويحدث خدر في أصابع يداي وقدمي، وأشعر بضيق في التنفس، وعدم إحساس برأسي، وكأنه خفيف مثل الريشة، أخاف من الليل؛ لأن الأعراض تحدث لي في الليل.

أخاف من الموت جدا، وإذا حدث لي شيء بسيط أفكر أني سأموت، تطورت معي الأعراض بعد الثانوية العامة، وبدأت لا أشعر بنفسي ومن حولي؛ كأني في حلم، ولا أشعر بالسعادة كما كنت، ودائما أفكر في أسوأ الأشياء، وإذا ركبت قطارا أو عربة أفكر أنه ستحدث حادثة وسأموت، وقس على ذلك كل المواقف في حياتي.

وعندما ذهبت للجامعة وسكنت مع أصدقائي أصابتني نوبة هلع شديدة، ولم أتحمل البقاء بعيدة عن المنزل.

ودائما ما أشعر بنبض في رأسي، وضغط وطقطقة في أذني، وتفحصت الطبيبة أذني، وأخبرتني أنها سليمة والحمد لله، كما وأعاني من صداع نصفي شديد.

وذهبت قبل ذلك للطبيب بسبب ألم معدتي ومشاكل في الهضم، أخبرني أني أعاني من القولون العصبي والمعدة العصبية، وذهبت لطبيب القلب بسبب تسارع ضربات القلب، وأخبرني أني أعاني من mitral valve prolapse، وأنها بسيطة ولا تؤثر على حياة الشخص، وذهبت للطبيب النفسي، وشخص حالتي بأني أعاني من anxiety، ووصف لي كويتيازيك، ولكنه سبب لي هبوطا وكاد يغمى علي، الرجاء الرد على رسالتي ماذا أفعل؟

فقد ضاقت بي جدا، ودائما أهلي وأصدقائي يتهمونني بالضعف، وكرهت كل شيء، ولا أريد فعل شيء سوى الاستلقاء على السرير فقط، فهل حالتي ميؤوس منها، أم أنها بسيطة؟
وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Basmala حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

حالتك واضحة جدًّا، وهي إن شاء الله حالة بسيطة. لديك ما يُعرف بقلق المخاوف، والقلق طاقة نفسية إنسانية وجدانية مطلوبة، لكن حين يزداد عن معدّله يتحول إلى قلق سلبي، كما هو في حالتك الآن. والقلق كثيرًا ما تتولّد عنه المخاوف، وفي بعض الأحيان الوساوس.

الخوف من الموت أمر شائع جدًّا، والإنسان يجب أن يخاف من الموت خوفًا شرعيًّا وليس خوفًا مرضيًا، وكلنا نخاف من الموت، لكن القناعات الصلبة حول الموت يجب أن تكون قائمة على مبدأ أن الموت حق، وأن أجل الله إذا جاء لا يُؤخر، وأن لكل أجلٍ كتاب، وعلى الإنسان أن يجتهد في حياته ويعمل لما بعد الموت، يكون ملتزمًا، ويعمل الصالحات والخيرات، ملتزمًا بأداء ما عليه من واجبات وفرائض، ومجتنبًا المنهيات والمحرمات، ويستقم، (قل آمنت بالله ثم استقم).

بهذه الكيفية يجد الإنسان أنه مطمئن في الدنيا، وإن شاء الله مأجور في الآخرة، هذا هو الخوف الشرعي من الموت.

أمَّا الخوف المرضي الذي يُقعد الإنسان عن العمل فيجب أن يُحقّر، ويجب ألَّا يلتفت الإنسان إليه، وإذا هاجمته هذه الأفكار بمثل هذا عليه أن يقوم بالدعاء، بأن يقول: (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دُنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحةً لي من كل شر)، أو يقول: (اللهم اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم ألقاك فيه)، أو يقول في كل صباح: (اللهم أسألك خير هذا اليوم وخير ما بعده، وأعوذ بك من شر هذا اليوم وشر ما بعده)، وفي المساء يقول مثل ذلك: (اللهم إني أسألك خير هذه الليلة وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شر هذه الليلة وشر ما بعدها)، وغيرها من الأدعية المفيدة التي تُطمئن الإنسان وتجعله بإذن الله في أمنٍ وأمان، {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون}.

بالنسبة لارتجاع الصمام المايترالي: هذا أمرٌ بسيط جدًّا، ونجده في حوالي عشرة بالمائة (10%) من الناس، ولا يُعتبر مرضًا.

من ناحية علاجك: تحتاجين لتطبيق تمارين استرخاء، تمارين الاسترخاء التي تقوم على مبدأ التنفُّس التدرُّجي، وتمارين شد العضلات وقبضها ثم استرخائها. هذه التمارين مفيدة جدًّا، يمكن لأخصائي نفسي أن يُدرّبك عليها، أو يمكنك أن تلجئي إلى البرامج الموجودة على اليوتيوب، والتي تُوضح كيفية تطبيق هذه التمارين.

تنظيم الوقت يُعتبر أمرًا إيجابيًا ومفيدًا. تجنّبي النوم النهاري، تجنّبي السهر، لا تتناولي كميات كبيرة من الشاي والقهوة، حاولي أن تنظمي وقتك، وأن تجتهدي في دراستك، وأن تكوني شخصًا بارًّا بوالديك... هذه كلها تبعث طمأنينة كبيرة في النفس.

أنت محتاجة لأحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف، ومن الأدوية السليمة ويناسب عمرك عقار يُسمَّى (اسيتالوبرام)، جرعته هي: أن تبدئي بخمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – لمدة عشرة أيام، ثم اجعلي الجرعة عشرة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقفي عن تناوله.

يتميز الاستيالوبرام بأنه سليم، وفعّال، ولا يُسبب أي اضطرابات هرمونية عند النساء.

بالنسبة لعقار (إندرال): في بعض الأحيان ننصح الناس باستعماله إذا كان هنالك خفقان شديد، لكن أعتقد لا داعي أن نُكثر من الأدوية، فالاسيتالوبرام سيكون كافيًا جدًّا.

هذه هي نصائحي لك، والحالة بسيطة، وبشيء من العزيمة والمثابرة والتحكّم في النفس سوف تتخلصين تمامًا من هذه الأعراض إن شاء الله تعالى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً