الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رعب من الموت وخوف من المرض وقلق وضيق وحزن، فهل من علاج؟

السؤال

السلام عليكم.

اعذروني على إرسالي لكم مرة أخرى ولكن ضاقت بي السبل.
أنا غير متزوج، وعمري ٣٣ عاماً، وناجح في عملي -ولله الحمد-، أخاف من الموت، وأفكر فيه كثيرا عن ماهية الموت، وخروج الروح، وشكل الملائكة، وملك الموت، ودائما أفزع وأنظر حولي لأطمئن أن ملك الموت غير موجود.

أقول ماذا ستفعل والدتي من بعدي، وعندما أقرأ خبر وفاة شاب فجأة ينتابني رعب وأقول الدور القادم عليّ أنا، وتأتيني أفكار في الدين، والرسل، والحساب، وأقول: لما خلقنا ووضعنا في اختبار، وهذه الأسئلة الوجودية التي تعرفونها حضراتكم بالتأكيد.

أتوهم المرض، وعملت كل الأشعة والتحاليل، وعندما أذهب لإحضار النتيجة أكون في غاية الرعب حتى جفاف الحلق، أشعر دائما بالقلق والتهويل والتضخيم، أخاف من تقدم عمري، وأقول يا ترى ما المرض الذي سيصيبني، وعندما أرى شعرا أبيض في شعري أخاف وأقول لقد اقترب أجلي.

لا أذهب لعملي وهذا يؤنب ضميري جدا، فترة العصر هي أصعب فترة، وعند قراءة الأذكار أتثاءب وتدمع عيناي كثيرا، تعبت جدا من القلق والوساوس والخوف من الموت، والخوف على والدتي، والخوف من المرض، والخوف.

بدأت بعقار سيبرالكس بجرعة (٥ ثم ١٠ ورفعتها من يومين ل ٢٠)، تحسنت بشكل ملحوظ عليه، ولكن طلبت من الطبيب زيادة (ويلبوترين)؛ ليساعدني على إنقاص الوزن، والإقلاع عن التدخين، ولم أجد غير جرعة (٣٠٠ اكس ال) فبدأت بها، وبعد يومين التحسن الملحوظ اختفى وعاد القلق والوساوس، والتفكير في الموت، والشرود الذهني، والخوف من كل شيء، والإحساس دائما بدنو الأجل.

أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Khalid حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي: أنت لديك قلق ومخاوف وسواسية، وليس أكثر من ذلك. لا أريدك أبدًا أن تعتقد أن هذه تشخيصات مختلفة، القلق والخوف والوسوسة دائمًا تكون في بوتقة ودائرة واحدة، فهي متداخلة مع بعضها البعض، ونوعية الوساوس التي تأتيك - يا أخي - لابد أن تكون حازمًا وحاسمًا في تجاهلها وتحقيرها، ودائمًا - يا أخي الكريم - حاول أن تعيش على الأمل والرجاء.

موضوع الموت وما بعد الموت وخروج الروح: هذه - يا أخي - نحن تحت رحمة الله، لا شك في ذلك، ولا أحد يستطيع أن يُجيب على هذه الأسئلة التي ذكرتها، ولا أنصحك أبدًا بالخوض فيها، عيش على الأمل والرجاء، والقرآن فيه الكثير من آيات الرجاء، ويجب أن تقنع نفسك وجدانيًّا أن الاسترسال في هذه الأفكار هو أمرٌ مرفوض تمامًا.

ويظهر أن استجابتك ممتازة للسيبرالكس، وهذا أمرٌ جيد، وأنا لا أرى أن هنالك داعي للويلبيوترين - أخي الكريم - . موضوع الإقلاع عن التدخين: اجتهد في ذلك، ومارس الرياضة، ويمكن أن تستعمل حبوب النيكوتين لفترة حتى لا تحدث لك أي آثار انسحابية، ونحن الآن مقدمون على شهر رمضان، على شهر الخيرات، أعتقد هذه فرصة ممتازة وعظيمة جدًّا بالنسبة لك أن تقلع عن التدخين، وتتركه تمامًا، وإن شاء الله تعالى تنتصر، وإرادتك تسمو وتعلو وتجعلك على قناعة تامة أن التدخين يُسبب الكثير من الأذى، وأن التوقف عنه ليس مستحيلاً، بل سهلاً حقيقةً.

أنا أرى أن تدعم السيبرالكس بعقار (إريبيبرازول) بجرعة خمسة مليجرام، دواء رائع جدًّا لعلاج هذا النوع من الوساوس، لكن شاور طبيبك في ذلك. ومن المهم جدًّا أن تُحسن إدارة الوقت، لأن الوساوس أصلاً تتصيد الناس من خلال الفراغ - الفراغ الذهني، الفراغ الزمني - عدم وجود برامج يومية واضحة بالنسبة للإنسان. فأنا أريدك أن تكون لك برامج يومية، وتنفذها وتُطبقها، ودائمًا تسمو بأفكارك، بأفكار جميلة وأفكار طيبة، لأن بهذه الكيفية تتم إزاحة الفكر الوسواسي من الطبقات العُليا للتفكير.

أخي الكريم: ممارسة الرياضة، القراءة، التواصل الاجتماعي، القيام بالواجبات الاجتماعية، الفعالية في العمل وتطوير المهارات، صلة الرحم، الحرص على الصلاة مع الجماعة، قراءة ورد من القرآن يوميًا، المحافظة على الأذكار - خاصة أذكار الصباح والمساء والأذكار الموظفة - هذه كلها داعم مهمة جدًّا لإزالة الخوف والوسوسة والقلق والتوترات.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً