الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد انتقالي لأوروبا واجهت صعوبات غيرت من شخصيتي

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة في الـ 23 من عمري، انتقلت قبل ست سنوات إلى هولندا من أجل الدراسة والمعيشة، ولأني كنت قد ولدت هناك، فكان هذا خياري للعودة، منذ أن وصلت واجهت صعوبة في تعلم اللغة، واجهت صعوبة في التأقلم مع أناس جدد، دائماً أشعر أني وحيدة.

بعد انتهاء فترة تعليم اللغة انتقلت إلى الجامعة، وهنا واجهت مشاكل أكبر! أصبح لدي رهاب بشكل غير طبيعي من التحدث أمام الطلاب الهولنديين خوفاً من الوقوع بخطأ عند التحدث، وإذا تحدثت قلبي يكاد يصل إلى حلقي من شدة الخفقان، لا أستطيع أن أفهم ما أقول، كأن عقلي لا يعلم ما يقول ولا يرتب الجمل ولا أستطيع أن أسمع نفسي، علماً بأني كنت من الأوائل في مدرستي سابقاً، وكنت أتمتع بذكاء، وبالنسبة لي الخطأ غير مسموح.

الآن أنظر إلى نفسي كأغبى شخص في صفي! صرت أنسى كثيراً، وأعاني من عدم التركيز والتشتت لدرجة أن أهلي لاحظوا هذا وقالوا لي أني لم أعد أفكر عندما يقال لي شيء، لقد صرت بلهاء من كثرة تصرفات الغباء.

أعاني أيضاً من جلد الذات بصورة تؤلم روحي من كثرة العذاب الذي أنا فيه. الآن أقوم بفترة تدريب، ولأني لا أجيد اللغة أقع في كثير من الأخطاء المتكررة الغبية، لدرجة أن مديري استاء مني، وهنا تأتي المشكلة الأخرى، أنا أفكر بردة فعله طول اليوم، أنا أسيء لنفسي بألفاظ قبيحة كالغبية والفاشلة التي لا تتعلم من أخطائها وأشياء أخرى من هذا القبيل، أقوم بإيذاء نفسي بالضرب والشتم عندما أتذكر أي موقف مضى خصوصاً في الليل، لم يعد لدي الشغف، وحين أذاكر يتجمد عقلي، أحرم نفسي من أي شيء يسعدني.

أرجو المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ naima حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يوفقك ويُصلح حالك.

أولاً: الحمد لله أن وفقك ووصلت إلى هذه المرحلة من الدراسة، وما تبقى إلَّا القليل، وستتوج اجتهاداتك وصبرك -إن شاء الله- بالنجاح وتحققين الأهداف التي تغرّبت لأجلها.

ثانيًا: كما هو معلوم فإن إتقان اللغة يتم بالممارسة، وهذا يتطلب منك عدم الخوف من الخطأ، فالذي لا يُخطئ لا يتعلّم، والخطأ ليس عيبًا، وهذا شيءٌ طبيعي ومقبول من كل مَن يريد أن يتعلّم لغةً هي ليست لغته الأصلية، ولا بد من النظر إلى اللغة بأنها وسيلة لتعلُّم العلم، وهي ليست غاية في حدِّ ذاتها، فلا تختزلي قدراتك وإمكانياتك العقلية فيها، ولا تحقّري من نفسك بأنك غبية، فهذا مقياس غير صحيح.

وكذلك المبالغة في تضخيم الخطأ بأنه غير مسموح في نظرك، فحسبما تعودت عليه من نجاحات وتفوق في السابق؛ رأيتِ عدم إتقان هذه اللغة مصيبة كبيرة تُهدّد وتحطّم النظرة الإيجابية وتقدير الذات الذي تكوّن منذ الطفولة، لذا أصبح التحقير وجلد الذات ردة فعلٍ لهذا الشعور، وتطور الأمر إلى إيذاء الذات بالضرب، ولكن ليس هذا هو الحل.

ثالثًا: نريدك -أيتها الفاضلة- أن تستعيدي قواك، وتبدئي في ترتيب أفكارك من جديد، وتزيدي من ثقتك في نفسك، وتعتبري ما حدث عبارة عن تجربة حياتية، ستمر وتنقضي، ونريدك أيضًا ألَّا تستسلمي، وخوضي المعركة حتى النهاية، وأنت ما زلت في مرحلة تعلُّم وتعليم، أي: طالبة علم، فاكسري الحاجز النفسي، وشاركي في المناقشات الطلّابية، فستتحسّن قدراتك اللغوية -إن شاء الله-، وتكمّلين دراستك كغيرك من الطلاب الذين مرّوا بهذه المرحلة، وصاروا مبرَّزين في مجالاتهم المختلفة.

ختامًا نقول لك: أكثري من قول (رب اشرح لي صدري، ويسّر لي أمري، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي).

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً