الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الغضب المصحوب بالقلق والهستيريا والانطوائية؟

السؤال

السلام عليكم..

وشكراً لكم على هذه الشبكة الجميلة.

أود أن أطرح مشكلتي، وهي أنني عندما أغضب لا أكلم أحداً؛ خوفاً من أن أتطاول عليه في الكلام، وأذهب إلى غرفتي وأجلس بها وحدي في الظلام دون أن أكلم أحداً، وأخبط رأسي في الجدار أو أفعل شيئاً آخر، وهو أن آكل بشراهة أي شيء أمامي، ودائماً آكل الأكل الذي لا أحبه.

وأيضاً أذهب إلى المقاهي لشرب الشيشة والسجائر، وهذا ليس دائماً، فأرجوكم! أرجو الرد بسرعة على حالتي؛ لأنني الآن أفكر في الانتحار أو الهروب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ H.r.k حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا شك أن الغضب من الطاقات النفسية المذمومة، ولكنه يحدث للناس، والغضب في الحق يعتبر أمراً مشروعاً، ولكن على الإنسان ألا يغضب للدرجة التي تكون معيقة له.

أرى نوع الغضب الذي يأتيك مصحوبا بشيء من القلق، وربما يكون بنوع من التصرفات الانفعالية الزائدة والتي لا أود أن أسميها بالهستيريا، ولكن ربما لا تخلو من شيء من ذلك.

أرجو حين يأتيك الغضب أن تغيري من مكانك ومن موقعك، وهذا شيء طيب، وسيكون من الأفضل أيضاً ألا تتكلمي حتى لا تدخلي في حرج مع الآخرين، ولكن الجانب الذي لا نؤيده أو يجب أن تتخلصي منه هو الجلوس في الظلام، أو أنك تقومي بالضرب على رأسك على الجدار أو خلافه؛ هذا أمر لا داعي له مطلقاً، يمكن أن تستبدليه بشيء آخر، استعيذي بالله من الغضب، قولي: أعوذ بالله من الغضب، ويا حبذا لو ذهبتِ وتوضأت وصليتِ ركعتين، هذا أمر جميل جدّاً، أي استبدلي التصرف الذي تقومين به، خاصة الجزئية الأخيرة من تصرفك؛ حيث أن الجزئية الأولى هي صحيحة، ولكن الجزئية الثانية يمكن أن تستبدل بما هو أفضل.

وعليك أيضاً أن تأخذي نفساً عميق جدّاً حين تأتيك نوبات القلق، أو قبل أن تأتيك هذه النوبات، اجلسي في مكان مريح وخذي نفساً عميقاً وتأملي في شيء طيب، وبعد أن تأخذي هذا النفس العميق والبطيء، أمسكي على الهواء في صدرك، ثم بعد ذلك أخرجي الهواء أيضاً بقوة وببطء، وهذا إن شاء الله يجعلك تحسين بالراحة.

أما اللجوء للبدائل وهذه تسمى ببدائل امتصاص الغضب، ومنها أكل الطعام بشراهة، فهي من البدائل الغير مرغوبة أيضاً، ولابد أن تستبدليها ببدائل أخرى ويكون الاستبدال أولاً فكرياً أي في الخيال، قولي حين أغضب لن آكل الطعام بشراهة، لماذا أقوم بذلك؟ كما ذكرت لك قولي: سوف أتوضأ، سوف أصلي ركعتين، أو قومي بأي نشاط آخر، أرجو ألا تلجئي للأكل بشراهة؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى ظاهرة تعرف باسم البوليميا، وهي ظاهرة قد تصيب البنات في سنك وتؤدي إلى كثير من اضطرابات نفسية واضطرابات الغذاء والوزن، ولا نريد ذلك أن يحدث لك.

حقيقةً، حزنت كثيراً حين عرفت أنك تذهبين إلى المقاهي وتتناولين الشيشة والسجائر، هذا أيتها الابنة الفاضلة لا يليق أبداً بمقامك، هذا لا يليق بك أبداً، أنت من شباب هذه الأمة، وأنت لست بحاجة لأن أذكرك أن البنت لابد أن تكون منضبطة في مسلكها وسلوكها خاصة في هذا السياق، وقد أفتى الكثير من علماء الإسلام بأن التدخين حرام لأنه مضر بالصحة والمال والنفس وبالآخرين أيضاً، هذا شيء أرجو أن تتوقفي عنه مباشرة، وهو تحت الإرادة وتحت التصرف، ولن تجدي لنفسك العذر أبداً.

هنالك جانب ضروري في العلاج وأنت في حاجة له، وإن شاء الله سوف يساعدك على تطبيق الإرشادات السلوكية السابقة، وهي أنه لابد أن تتناولي أحد الأدوية المضادة للقلق والتوتر والانعزالية والانطواء، هنالك أدوية مضادة للقلق ومحسنة للمزاج في ذات الوقت.

هنالك دواء يعرف باسم فافرين، هو جيد جدّاً، محسن للمزاج ومضاد للقلق والعزلة، أرجو أن تتناوليه بجرعة 50 مليجرام بعد الأكل، حبة واحدة بعد الأكل ليلاً لمدة أسبوعين، ثم ارفعي الحبة إلى 100 مليجرام ليلاً بعد الأكل، واستمري عليها لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى نصف حبة – أي 50 مليجرام – ليلاً أيضاً لمدة شهر، ثم توقفي عنه.

وإذا لم تتحصلي على الفافرين، والذي أعتقد أنه موجود في لبنان، فهنالك أدوية أخرى بسيطة مثل العقار الذي يعرف باسم موتيفال، يمكنك أن تتناولي حبة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر.
وهنالك عقار آخر يعرف باسم زولفت أو لاسترال يمكن أيضاً تناوله إذا لم تتحصلي على الدوائين السابقين، وجرعته هي 50 مليجرام ليلاً لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك 50 مليجرام ليلاً يوماً بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم تتوقفي عنه.

لا شك أن التفكير في الانتحار أو الهروب هو من التفكير السلبي، وبعد تطبيق الإرشادات السابقة، وتناول الأدوية، سوف تجدين أن لحياتك معنى، وأن هنالك معاني جميلة في الحياة يمكن للإنسان أن يعيش من أجلها وأن يكون فعَّالاً، ولا شك أن التفكير في الانتحار هو أمر لا يجوز، وهو أمر من الأمور البغيضة، وأنت لديك الكثير من أجل أن تقومي به في هذه الحياة، ولا تهربي، لا يوجد ما تهربين منه أبداً، عليك بالمواجهة، عليك بالفاعلية، وعليك أن تكوني أكثر إيجابية.

وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً