الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرد على من يقول بأن كل شخص حر في علاقته بربه وله أن يفعل ما يراه صحيحاً

السؤال

السلام عليكم.

يوجد مراهق يؤمن أن من حق أي شخص أن يفعل ما يراه صحيحاً، وكل شخص حر في علاقته بربه، وحجته في ذلك أن الله قبل توبة الزاني، وقبل توبة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً، فكيف أشرح له أن وضعه مختلف عن الحالتين التي استدل بهما؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ س. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن ابن عباس رضي الله عنه كان يدرس طلابه فدخل رجل فقال: (يا ابن عباس هل للقاتل من توبة فقال: لا؟) فاستغرب الطلاب من كلام بن عباس واستفهموا منه فقال لهم: (إن الرجل لم يقتل ولكنه يبحث عن فتوى من أجل أن ينفذ جريمته)، فلحقوا بالرجل فسألوه فأخبرهم أنه لم يقتل وجاء يبحث عن فتوى لينفذ ما يريد.

ومن هنا يتضح لنا أن الوضع مختلف جداً، وأن عصيان العصاة ليس مبرراً لمن يريد أن يعصي، والحالات المذكورة لا يقاس عليها، ومثلها في الشرع كثير؛ لأن الأعمال تتفاضل بحسب إخلاصٍ أصحابها وبسبب النيات التي استحضروها، وقبل ذلك بفضل الله ورحمته، فليس لبغي زانية أن تقول: سوف أسقي كلباً ويغفر الله لي، وليس لأحد أن يقول: سوف أردد لا إله إلا الله هكذا بمجرد اللسان لأكون مثل صاحب البطاقة، وقد أطال شيخ الإسلام ابن تيمية الحديث في تلك الأمور.

وأرجو أن يعلم الجميع أن الإنسان لا يمكن أن يصل بعقله إلى الهداية والخير، ولذلك بعث الله الرسل وأنزل الكتب، وعقل الإنسان قاصر، وهو أناني بطبعه، ولا يعرف ماذا يأتيه بعد لحظة، ولا يدري ماذا ينتظره خلف الجدار، وها هي الأمم التي تطورت وطارت في الفضاء وغاصت في الماء فيهم من يعبد البقر وفيهم من يسجد للحجر وفيهم من يعبد الشهوة وفيهم من تحكمهم الأفكار الفاسدة.

ولا شك أن هذه الأفكار يرفضها العقلاء في كل الملل والنحل، وحتى في بلاد الكفر لا يوجد قانون يترك الإنسان يفعل ما يشاء، وقد خدعوا الناس بتلك الأكاذيب وضاقوا بحجاب امرأة مسلمة على رأسها، وهم في الحقيقة يتوسعون في حرية الجنس والفحش، ولكنهم الآن في هلع وخوف من الإيدز والأمراض الفاتكة التي باتت تهددهم.

وهل يمكن أن يرضى هذا الشاب أن يفعل فيه والده أو أستاذه أو زملاؤه ما يحلو لهم من الضرب والأذى والانتقام أم أن حرية أي فرد مقيدة بحدوده وتنتهي عندما تبدأ حريات الآخرين؟ وقد جاء الشرع ببيان الحق وأعطى الله عباده العقل وأعانهم على الخير بسلطان الولاة ورعاية المربين ونصح الناصحين، ولا يهلك بعد ذلك على الله إلا هالك.

ولا يخفى على أمثالك أن الشاب في هذه السن يحتاج إلى الحوار والإقناع، ويتهرب من كثرة الأوامر والتعليمات، ونسأل الله الهداية للجميع، وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً