الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ترك حراس المسجد الجمعة وكلامهم أثناء الخطبة

السؤال

حراس في أحد المساجد يسألون هل تجب عليهم الجمعة، وهل إذا تكلموا أو ردوا السلام يعد ذلك من اللغو في الجمعة؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

إذا كانت حراسة المسجد تعني أنه لا بد لحفظه من بقاء أحد يحرسه ويراقبه أثناء الجمعة فلا حرج على من تخلف عن الجمعة من أجل ذلك -إن شاء الله تعالى- لأنه معذور ولا حرج في الكلام ورد السلام على من تخلف لأجل حراسة المسجد.

أما إذا لم يخش على المسجد ضرر يلحقه أو يلحق المصلين إذا اشتغل حراسه بالصلاة فلا يجوز لهم التخلف عن الجمعة لأجل الحراسة ما دامت غير ضرورية وقت الصلاة، ثم إذا حضر هؤلاء الجمعة لأدائها مع الناس سواء كانوا معذورين بتركها أم لا فإن عليهم أن ينصتوا كسائر المصلين لأن الإنصات حال الخطبة واجب على الراجح، لكن تجوز الإشارة باليد لرد السلام.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان حراس المسجد يخافون عليه ضرراً يلحقه أو يلحق المصلين إذا هم اشتغلوا بالصلاة مع الناس فالظاهر أنهم معذورون فلا تجب عليهم الجمعة، وعليهم أن يصلوا الظهر بدلها، فقد نص الفقهاء على أن من الأعذار التي تبيح التخلف عن الجمعة والجماعة الخوف على مال استؤجر عليه والمعيشة التي يحتاجها.

ففي منتهى الإرادات في الفقه الحنبلي ما نصه: ويعذر بترك جمعة وجماعة محبوس ومن يدافع أحد الأخبثين أو بحضرة طعام وهو محتاج إليه وله الشبع أو له ضايع يرجوه، قال المجد والأفضل ترك ما يرجو وجوده ويصلي الجمع والجماعة، أو يخاف ضياع ماله أو قوته أو ضرراً فيه أو (ضررا) في معيشة يحتاجها (أو) (يخاف ضرراً) في مال استؤجر لحفظه ولو نظارة بستان. انتهى بتصرف.

ثم إن حصلت الكفاية بأحد الحراس وجب على الباقين أن يصلوا الجمعة، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 14106.

هذا ما يتعلق بالعذر المبيح لترك الجمعة، أما فيما يتعلق بالكلام ورد السلام أثناء الخطبة فإذا لم يصلوا الجمعة للعذر فلا حرج عليهم في الكلام ورد السلام لسقوط الجمعة عنهم في هذه الحالة، أما إذا صلوا الجمعة مع الناس فيجب عليهم الإنصات كسائر المصلين على الراجح من كلام أهل العلم من وجوب الإنصات بما في ذلك رد السلام بالكلام ولا بأس برده بالإشارة.

أما على القول بأن الإنصات غير واجب والكلام غير حرام كما هو الأصح في المذهب الشافعي، فيجوز رد السلام، ثم إن تحريم الكلام حال استماع الخطبة محله إذا لم يكن الكلام لغرض مهم وحاجة ضرورية، فإن كان لذلك كمن رأى شخصاً سيقع في مهلكة مثلاً فتكلم لذلك فلا شيء عليه ولا يعتبر لاغياً سواء في ذلك الإمام وغيره.

قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: وهل يجب الإنصات ويحرم الكلام؟ فيه قولان مشهوران، وقد ذكرهما المصنف بتفريعهما في باب هيئة الجمعة (أصحهما) وهو المشهور في الجديد: يستحب الإنصات ولا يجب، ولا يحرم الكلام، قال أصحابنا: وهذا الخلاف في حق القوم والإمام في كلام لا يتعلق به غرض مهم ناجز، فلو رأى أعمى يقع في بئر أو عقرباً ونحوها تدب إلى إنسان غافل ونحوه فأنذره أو علم إنساناً خيراً أو نهاه عن منكر فهذا ليس بحرام بلا خلاف نص عليه الشافعي، واتفق عليه الأصحاب على التصريح به، لكن قالوا: يستحب أن يقتصر على الإشارة إن حصل بها المقصود، هذا كله في الكلام في حال الخطبة أما قبل الشروع فيها وبعد فراغها فيجوز الكلام بلا خلاف لعدم الحاجة إلى الاستماع، قال الشافعي في مختصر المزني والأصحاب: يكره للداخل في حال الخطبة أن يسلم على الحاضرين، سواء قلنا: الإنصات واجب أم لا، فإن خالف وسلم قال أصحابنا: إن قلنا بتحريم الكلام حرمت إجابته باللفظ، ويستحب بالإشارة كما لو سلم في الصلاة... وإذا قلنا: لا يحرم الكلام جاز رد السلام والتشميت بلا خلاف. انتهى.

وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 8456.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني