الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أوصت لأولاد أختها المتوفاة بمثل نصيب أولاد أختها الحية

السؤال

توفيت وتركت أخا شقيقا وأختا شقيقة وقبل الوفاة كتبت عقد بيع وشراء بمساحة سبع قراريط زراعية لابن الأخ الموجود ونقلت حيازتهم له ولكنها لم تقبض الثمن وقالت لابن الأخ لا يسري مفعولة إلا بعد الوفاة من حيث الإيجار أو البيع (بمعنى عدم الاستفادة من العقد إلا بعد الوفاة) وأوصت أيضا قبل الوفاة وصية شفهية وقالت فيها إن أولاد أختي المتوفاة يأخذون مثل أولاد أختي الموجودة في الميراث...
ملحوظة: التركة عبارة عن دار تم بيعها بمبلغ أربعين ألف جنية+ مساحة أربعة عشر قيراط أرض زراعية بعد العقد المباع، السؤال هو: كيف توزع هذه التركة؟ جزاكم الله خيراً وكثر من أمثالكم وجعلكم الله عونا للخير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن توفيت عن أخ شقيق وأخت شقيقة ولم تترك وارثاً غيرهم فإن مالها كله لهما يقسم ثلاثة أسهم: لأخيها الشقيق سهمان، ولأختها الشقيقة سهم واحد، لقول الله تعالى: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ {النساء:176}.

والبيع الذي تم بين المتوفاة وبين ابن الأخ يعتبر بيعاً مصاحباً لشرط ينافي مقتضى العقد، والجمهور على أن هذا النوع من العقود يعتبر باطلاً لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط، وقد ذكرنا اختلاف الفقهاء في صحة هذا العقد بشيء من التفصيل وذلك في الفتوى رقم: 49776 وقلنا إن قول الجمهور هو الأحوط.

وعلى هذا القول فالبيع باطل والأراضي الزراعية تدخل في جملة التركة، ويرد ابن الأخ تلك الأراضي إلى الورثة.

وعلى القول بصحة هذا النوع من البيوع يكون البيع المذكور صحيحاً إذا استوفى شروط صحة البيع ولم يكن حيلة على إسقاط حق الورثة، وعليه فيكون ثمن القراريط الذي لم يسلمه ابن أخ الميته من جملة التركة.

وأما وصيتها لأولاد أختها المتوفاة بمثل نصيب أولاد أختها الحية فإن هذه وصية بشيء معدوم شرعاً لأن أولاد أختها الحية ليس لهم نصيب من الميراث لكون أولاد الأخت ليسوا من الورثة أصلاً، وقد نص الفقهاء على أن الموصَى له في هذه الحال لا شيء له.

قال ابن قدامة في المغني: وإن وصى بمثل نصيب من لا نصيب له مثل أن يوصي بنصيب ابنه وهو ممن لا يرث لكونه رقيقاً أو مخالفاً لدينه أو بنصيب أخيه وهو محجوب عن ميراثه فلا شيء للموصَى له لأنه لا نصيب له فمثله لا شيء له... انتهى.

أما إذا أوصت لأولاد أختها المتوفاة بمثل نصيب أختها الموجودة فالوصية صحيحة ونافذة في حدود الثلث - وهي هنا لن تتجاوز الثلث- لا ما زاد إلا برضى الورثة..

ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني