الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تطهر جميع النجاسات بالماء فقط

السؤال

هل جميع النجاسات تزول بالماء فقط؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن العلماء قد اختلفوا في تعين الماء لإزالة النجاسة، فذهب الجمهور إلي أن الماء يتعين لإزالة النجاسة فلا يُجزئ التطهير بغيره، وذهب أبو حنيفة إلى أن النجاسة تزول بكلِ ما يُزيلها وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية جاء في "الاختيارات الفقهية" (ص 23): وتطهر النجاسة بكل مائع طاهر يزيل، كالخل ونحوه، وهو رواية عن أحمد، اختارها ابن عقيل، ومذهب الحنفية" انتهى.

وهذا القول الثاني هو الراجح.

وقد سئل الشيخ محمد صالح العثيمين رحمه الله:

هل تطهر النجاسة بغير الماء؟ وهل البخار الذي تغسل به الأكوات مطهر لها؟

فأجاب: إزالة النجاسة ليست مما يتعبد به قصداً، أي أنها ليست عبادة مقصودة، وإنما إزالة النجاسة هو التَّخلي من عين خبيثة نجسة، فبأي شيء أزال النجاسة، وزالت وزال أثرها، فإنه يكون ذلك الشيء مطهراً لها، سواء كان بالماء أو بالبنزين، أو أي مزيل يكون، فمتى زالت عين النجاسة بأي شيء يكون، فإنه يعتبر ذلك مطهراً لها، حتى إنه على القول الراجح الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، لو زالت بالشمس والريح فإنه يطهر المحل، لأنها كما قلت: هي عين نجسة خبيثة، متى وجدت صار المحل متنجساً بها، ومتى زالت عاد المكان إلى أصله، أي إلى طهارته، فكل ما تزول به عين النجاسة وأثرها - إلا أنه يعفى عن اللون المعجوز عنه - فإنه يكون مطهراً لها. "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (4/86).

فالاستحالةُ وكذا جفافُ الأرض وما اتصل بها اتصال قرار واستعمال المائعات في التطهير كلُ ذلك تزول به النجاسة على هذا القول، وتوسط بعض العلماء في المسألة فاختار أن ما دل الدليلُ علي إجزاء غير الماء في تطهيره فإنه يُجزئ بخلافِ غيره.

قال الشوكاني: والحق أن الماء أصل في التطهير لوصفه بذلك كتابًا وسنة وصفًا مطلقًا غير مقيد لكن القول بتعينه وعدم إجزاء غيره يرده حديث مسح النعل وفرك المني وحته وإماطته بأذخرة وأمثال ذلك كثير ولم يأت دليل يقضي بحصر التطهير في الماء ومجرد الأمر به في بعض النجاسات لا يستلزم الأمر به مطلقًا وغايته تعينه في ذلك المنصوص بخصوصه إن سلم‏.‏ فالإنصاف أن يقال أنه يطهر كل فرد من أفراد النجاسة المنصوص على تطهيرها بما اشتمل عليه النص إن كان فيه إحالة على فرد من أفراد المطهرات لكنه إن كان ذلك الفرد المحال عليه هو الماء فلا يجوز العدول إلى غيره للمزية التي اختص بها وعدم مساواة غيره له فيها وإن كان ذلك الفرد غير الماء جاز العدول عنه إلى الماء لذلك وإن وجد فرد من أفراد النجاسة لم يقع من الشارع الإحالة في تطهيره على فرد من أفراد المطهرات بل مجرد الأمر بمطلق التطهير فالاقتصار على الماء هو اللازم لحصول الامتثال به بالقطع وغيره مشكوك فيه وهذه طريقة متوسطة بين القولين لا محيص عن سلوكها‏.اهـ

وهذا القول أحوط وأبراً للذمة وإن كان اختيارُ شيخ الإسلام ظاهر القوة.

وراجع الفتوى رقم: 22555.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني