الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإيمان بالقدر والأخذ بأسباب الرزق

السؤال

كنت أعمل بشركة منجمية أغلقت أبوابها سنة 2002 استلمنا حينها تعويضات عن الإغلاق ومن حينها لم أبحث عن أي عمل يمكنني من دخل ما بقيت في قريتي في حين انتقل بعض زملائي إلى المدينة المجاورة وهم الآن لهم دخل يومي؟ أشعر الآن بالندم كوني لم أنتقل إلى المدينة.
السؤال: هل هذا قدري وأن هده الفترة لم يكن فيها رزق؟ أم كان هناك رزق وأنا لم أقبضه كوني لم أقم بالأسباب ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالسعي على كسب الرزق مطلوب شرعاً، فإذا كان هناك من يلزمك أن تنفق عليه من زوجة أو أولاد وجب عليك أن تعمل لتعولهم، وأخرج أبو داود والنسائي والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت.

قال السرخسي في شرح كتاب الكسب لمحمد بن الحسن ما ملخصه: في السماء رزقنا كما أخبر الله تعالى ولكننا أمرنا باكتساب السبب ليأتينا ذلك الرزق عند الاكتساب، وقد أمر الله تعالى مريم عليها السلام بهز النخلة كما: وَهُزِّي إِلَيْكِ. وهو قادر على أن يرزقها من غير هز بعناء كما كان يرزقها في المحراب قال عز وجل: كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ {آل عمران:37} وإنما أمرها بذلك ليكون بيانا للعباد أنه ينبغي لهم أن لا يدعوا الاكتساب .. ثم المذهب عند جمهور الفقهاء رحمهم الله من أهل السنة والجماعة أن الكسب بقدر ما لا بد منه فريضة. اهـ .

قال المرداوي في الإنصاف فائدة: لو قدر على الكسب ولكن أراد الاشتغال بالعبادة لم يعط من الزكاة قولاً واحداً، قلت: والاشتغال بالكسب والحالة هذه أفضل من العبادات.

و قد أمر الشرع بالأخذ بأسباب تحصيل الرزق، كما قال الله تعالى: فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ {الملك:15}

وليس في ذلك اعتراض على قدر الله، فإنك تفر بهذا من قدر الله إلى قدر الله، وتدفع القدر بالقدر، فإن كل ما يجري في هذا الكون وما يقع فيه من صغيرة أو كبيرة هو بقضاء الله تعالى وقدره وعلمه وإرادته، كما قال الله سبحانه وتعالى : إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ{ القمر:49}

والإيمان بالقدر لا يتنافى مع التوكل على الله عز وجل، والأخذ بالأسباب، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة . فما قدره الله عز وجل لك من رزقك ستناله، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها الذي كتب الله تعالى لها في هذه الدنيا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب. رواه أبو نعيم وصححه الألباني. ولكن هذا لا يعني أن تترك الأسباب بل المسلم مأمور شرعاً بالأخذ بالأسباب .

ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها : 20434 ، 21790 ، 28532 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني