الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أوصى أبناءه بإخراج زكاة الفطر عنه فأخرجوها بعد وقتها

السؤال

أوصاني أبي بإخراج زكاة الفطر عنه حيث إنه كان يعتمر ونحن في مصر وكان العيد في السعودية قبلنا بيوم ونحن أخرجناها ليلة عيدنا أي بعد إفطارهم، فما الحكم الآن؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأصلُ أن زكاة الفطرِ تابعةٌ للبدن كما أن زكاة المال تابعةً للمال، فالذي ينبغي للمسلم أن يُخرجَ زكاة الفطر حيثُ هو في البلد الذي وجبت عليه فيه، ويجوزُ له التوكيلُ في إخراجها ولو في بلدٍ آخر إذا وُجدت مصلحةٌ راجحة كأن كان المُزكي عاجزاً عن الوصول إلى الفقراء في البلد الذي هو فيه.

وفي فتيا للعلامة العثيمين في شأن زكاة الفطر للمغترب، قال عليه رحمة الله: فإذا كان أهل البيت يخرجونها عن أنفسهم فإنه لا يلزم الرجل الذي تغرب عن أهله أن يخرجها عنهم، لكن يخرج عن نفسه فقط في مكان غربته إن كان فيه مستحق للصدقة من المسلمين، وإن لم يكن فيه مستحق للصدقة وكّل أهله في إخراجها عنه ببلده. والله الموفق. انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين.

وأما تأخيرُ زكاة الفطر عن يوم الفطر فغيرُ جائزٌ، بل الصواب أنه لا يجوزُ تأخيرها عن صلاة العيد، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. أخرجه أبو داود، وابن ماجه، والدار قطني، والحاكم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وصححه الألباني.

والعبرةُ في إخراج صدقة الفطر بوقتِ وجوبها على الموكل، لأن الوكيلَ فرعٌ عنه فيلزمه في كيفية إخراجها ما يلزم الموكل، ولأنها إنما وجبت عليه فلا بُد لكي تبرأ ذمته من فعلها على الوجه المأمور به شرعا سواء بنفسه أو بنائبه، لكن إذا كنتم قد نسيتم فالنسيانُ عذرٌ يُسقط عنكم التبعة إن شاء الله، وأما هو فلا تبعة عليه أيضاً لأنه فعل ما يقدر عليه.

والخلاصة: أن ما فعلتموه من تأخيرِ صدقة الفطر عن وقت وجوبها على أبيكم لم يكن جائزاً لكم شرعاً، والواجبُ عليكم التوبة إلى الله من هذا التفريط إلا إن كنتم معذورين كما قدمنا، وما دمتم دفعتموها إلى الفقراء فقد سقطت المطالبة بها، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ولا يجوزُ تأخيرُها عن صلاةِ العيدِ فإنْ أخَّرها عن صلاةِ العيدِ بلا عُذرٍ لم تُقْبَلْ منه لأنه خلافُ ما أمَرَ به رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم، وقد سبق من حديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أنَّ مَنْ أدَّاها قبْلَ الصلاةِ فهي زكاةٌ مقبولةٌ ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقةٌ مِنَ الصدقاتِ. أمَّا إن أخَّرها لعذرٍ فلا بأسَ، مثلُ أن يصادفَه العيدُ في الْبَرِّ ليس عنده ما يدفعُ منه أو ليسَ عنده مَنْ يدفُع إليه، أو يأتَي خبرُ ثبوتِ العيدِ مفاجِئاً بحيثُ لا يَتَمَكَّنُ مِن إخراجها قبْلَ الصلاةِ أو يكون معتمداً على شخصٍ في إخراجها فينسى أنْ يُخْرِجَهَا فلا بأسَ أن يخرجها ولو بعدَ العيدِ لأنَّه معذورٌ في ذلك. انتهى من مجالس شهر رمضان للشيخ ابن عثيمين المجلس الثامن والعشرون - في زكاة الفطر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني