الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الدعاء جهرا بين ركعتي الفجر وصلاة الصبح

السؤال

ما حكم الدعاء بين ركعتي الصبح جهرا مع رفع الأيد وما حكم أن أخص صلاة الصبح فقط بدعاء عن غيرها وهل ورد في هذا الأمر أي من الأحاديث في استحبابها أو عدمه؟ وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالسؤال غير واضح ولكن إن كان مقصودك بالسؤال عن الدعاء بين ركعتي الصبح الدعاء بين الرغيبة والفريضة، فاعلم أن السنة قد ثبتت باستحباب الدعاء بين الأذان والإقامة، وذلك لما أخرجه أحمد وأبو داود واللفظ لأبي داود عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة. قال الألباني: صحيح.

ولكن لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تخصيص هذا الوقت بدعاء دون غيره وكل ما روي في هذا فضعيف كما بين ذلك الألباني في تمام المنة، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 61060.

فتخصيص هذا الوقت بدعاء مخصوص وكون هذا الدعاء جهراً، والمداومة على ذلك كما يفعله بعض الناس ليس من السنة، والواجب ترك ذلك، فأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وإنما المشروع أن يدعو كل إنسان في خاصة نفسه بين الأذان والإقامة مطلقاً، وإن رفع يديه عند الدعاء فحسن لعموم الأدلة القاضية باستحباب رفع اليدين..

وأما إن كان مقصودك السؤال عن دعاء القنوت فقد استحبه بعض من أهل العلم، واستدل من قال باستحبابه بحديث أنس عند الدارقطني وغيره: لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت حتى فارق الدنيا. وهذا الحديث ضعفه أهل العلم بالحديث وعلته أبو جعفر الرازي عيسى بن ماهان وهو منكر الحديث، واستدل من قال بعدم مشروعيته بحديث سعد بن طارق الأشجعي أنه قال لأبيه: يا أبت صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي هاهنا بالكوفة خمس سنين هل كانوا يقنتون في صلاة الصبح، فقال: أي بني محدث. رواه الخمسة إلا أبا داود وصححه الألباني.

إذا علمت هذا فدليل من قال بعدم استحباب القنوت في الصبح أقوى وانظر الفتوى رقم: 1599، ولكن هذه المسألة من مسائل الاجتهاد التي لا ينبغي التشديد فيها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن بعض المسائل الاجتهادية التي يختلف فيها العلماء، كالقنوت في الفجر والوتر ونحو ذلك، قال: اتفق العلماء على أنه إذا فعل كلاًّ من الأمرين كانت عبادته صحيحة، ولا إثم عليه، لكن يتنازعون في الأفضل وفيما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله، ومسألة القنوت في الفجر والوتر والجهر بالبسملة وصفة الاستعاذة ونحوها من هذا الباب، فإنهم متفقون على أن من جهر بالبسملة صحت صلاته، ومن خَافَتَ ( أي: أسَرَّ بها ) صحت صلاته، وعلى أن من قنت في الفجر صحت صلاته، ومن لم يقنت فيها صحت صلاته، وكذلك القنوت في الوتر. انتهى.

وعليه فإذا دعا الإمام فإن المأموم يتابعه لأن المسألة من مسائل الاجتهاد وليس فيها تغليظ، وقد سئل الإمام أحمد عن القنوت في الصبح فقال: لا يعجبني وإن قنت إمامك فاقنت معه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني