الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المرأة إذا خيرت بين العمل في بنك ربوي أو خلع الحجاب

السؤال

أنا شابة متحجبة، والحمد لله، تخرجت في جوان 2007 وبقيت حوالي سنة ونصفا بدون عمل، لقد حاولت جاهدة واجتزت العديد من الاختبارات للحصول على العمل، وكانت هناك وظيفة حيث نجحت في الاختبار ولكن للأسف لا تقبل بالمحجبات. ففرص العمل بالنسبة للمحجبات للأسف قليلة. كنت بحاجة ماسة إلى عمل لأساعد عائلتي في المصاريف، خاصة أخوتي في مصاريف الدراسة. منذ شهرين توسط أحد معارف والدي في وظيفة في بنك ربوي، بعد حصولي على الوظيفة علمت أن المال المكتسب من البنك ربوي هو مال حرام. و أنا منذ ذلك الوقت و أنا غير مرتاحة نفسيا خائفة أن أكون ممن ينطبق عليهم القول أنهم غير مجابي الدعاء، بما أن الأكل و اللباس من مال حرام، وأن الله غاضب علي ولا يقبل مني أعمالي. أخبرت أمي أني أريد ترك الوظيفة غضبت و أخبرتني إذا سمع أبي بقراري بعد أن حاول مساعدتي في إيجاد عمل سيغضب علي، ويمرض لأن له مشاكل صحية في القلب و لا يساعده حالات الغضب.أنا أعيش في ضغط كبير من عائلتي كلها حتى من خالتي و خالي، و لم أجد من يساندني في قراري، فهم لا يرون أن المال الذي أكسبه حراما لأني أجتهد في العمل وهذا هو أجري على ذلك، وخاصة و أن فرص الحصول على عمل و أنا محجبة قليلة في بلادنا. في الوظيفة يفضلون غير المحجبات و إذا اشتغلت لن تدوم كثيرا في العمل إذا يضعوها بعد ذلك أمام اختيارين الحجاب أو العمل . ماذا أفعل في كل هذه الضغوط ؟و مادا أفعل بمرتبي؟ هل يجوز أن أصرف منه لاحتياجاتي الضرورية و خاصة أن أبي له ديون أساعده في تسديدها و أتصدق منه.
ساعدوني في هذا الأمر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالصبرُ على البلاء والتمسك بالدين في زمن الغربة هو الضريبة التي لا بد من أن يدفعها من أراد الثبات على الحق، في زمن عز فيه الثابت عليه، ومن كان كذلك فهو أهل للفوز ببشارة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: فطوبى للغرباء، قيل من هم يا رسول الله، قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس رواه مسلم.

والذي ننصحكِ به أيتها الأخت الفاضلة هو التمسك بحجابك، وألا تخضعي لأي ضغوطٍ تُلجئكِ إلى خلعه، فإن رزق الله لا يسوقه حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره.

كما لا يجوزُ لكِ العمل في هذا البنك الربوي، مالم تكن ضرورة، وعليكِ المبادرة بتركه، ما لم يترتب على ذلك مفسدة راجحة كأن يغلب على ظنك هلاكُ والدكِ، أو ألا تجدي ما تُسدين به حاجاتك الأساسية من مأكل ومشرب وملبس، وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 79624، 65327، 8428، 69889.

وإذا دار الأمر بين هذين الخيارين، أن تعملي في البنك الربوي، أو تعملي في عمل آخر مع خلع الحجاب، فالحلُ هو ترك العمل في البنك الربوي، والعمل الآخر المستلزم خلع الحجاب مع الصبر والاحتساب، والاجتهاد في البحث عن عمل آخر، تتوافر فيه الشروط الشرعية.

ولو استلزم ذلك، ما استلزمه من الصعاب كمخالفة رأي الأهل والأقارب.

وبالنسبة لراتبك من البنك فإنه مقابل منفعة محرمة ومثل هذا المال يجوز لك أن تأخذي منه بقدر حاجتك وتصرفي الباقي في منافع المسلمين ولك أن تسددي به ديون والدك إن كان محتاجا إلى هذا المال في سداد ديونه.

وينبغي أن تعلمي وتعلميهم أن مجرد بذل الجهد المطلوب، لا يقتضي كون الأجرة حلالاً إذا لم يكن العمل مباحا أصلا.

وعليكِ أن تعلمي وتعلميهم أن طاعة الله والتمسك بشرعه هو جالب الخير والبركة ، وفاتح أبواب الرزق ، قال تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ {الأعراف:96} ، ونحنُ جازمون بأنكِ متى صبرت وأخلصت لله، فسيعوضكِ الله خيرا.

واجعلي هاديكِ إلى ما نذكره قول النبي صلى الله عليه وسلم: من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. أخرجه أحمد.

فتفكري في هذا الحديث، وكوني على ذكر دائم له، وذكري به من حولكِ ممن يريدُ أن تستمري في العمل المحرم، وكوني على ثقة بوعد الله، وأنه لا يخيب من صدق في طلبه واللجأ إليه.

ونسأل الله أن يرزقنا وإياك من فضله، وأن يُخلف عليك خيرا من هذا العمل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني