الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يلتفت للشك في انتقاض الطهارة سواء بعد الوضوء أو في أثنائه

السؤال

أنا شخص عندي وسواس ولا أعرف كيف أنوي للجنابة فأنطقها سرا، أو جهرا أحيانا. فكيف أميز بين غسل الجنابة وأي غسل آخر؟ وكيف أنوي لغسل الجنابة بالتحديد؟ ولدي شيء آخر هو: إذا كان الشك بعد الطهارة فأبني على الأصل وهو الطهارة ولا ألتفت لشيء حتى أسمع صوتاً أو أجد ريحاً، فهل الشك أثناء الوضوء معتبر أم لا ألتفت لذلك حتى أسمع صوتاً أو أجد ريحاً؟ علما بأن لدي وسواس. أرجو منكم رجاءً ألا تتأخروا في إجابتي لعل الله يريحني من هذا المرض
وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما تعاني منه من الوسوسة علاجه الإعراض عنه وعدم الالتفات إليه، فإنك لو استرسلت مع هذه الوساوس أوقعت نفسك في شر عظيم، واعلم أن أمر النية أيسر بكثير ممّا تتوهمه، والتمييز بين غسل الجنابة وغيره ليس فيه أدنى مشقة، فإن النية هي العزم على فعل المنوي ومحلها القلب، فعليك فقط أن تقصد بقلبك إلى ما تريد فعله من غسل جنابة أو جمعة أو غير ذلك، ولا داعي لأن تتعب نفسك بالتلفظ بالنية سرا أو جهرا فكل هذا لم يثبت منه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس فيه علاج لمشكلة الوسوسة بل هو يزيدها ويضاعفها كما هو معلوم، واعلم أن النية تتبع العلم، فمن قصد فعل شيءٍ فلا بد له من أن ينويه.

قال شيخ الإسلام: وَكَذَلِكَ نِيَّةُ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَالْوُضُوءِ يَكْفِي فِيهِ نِيَّةُ الْقَلْبِ. وَالنِّيَّةُ تَتْبَعُ الْعِلْمَ، فَمَنْ عَلِمَ مَا يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَهُ، فَإِذَا عَلِمَ الْمُسْلِمُ أَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ، وَهُوَ مِمَّنْ يَصُومُ رَمَضَانَ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ الصِّيَامَ، فَإِذَا عَلِمَ أَنَّ غَدًا الْعِيدَ لَمْ يَنْوِ الصِّيَامَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ. وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ ..إلى آخر كلامه رحمه الله. انتهى بتصرف.

فعليك إذن إذا أردت غسل الجنابة أن تستحضر بقلبك نية رفع الحدث، أو استباحة الصلاة ثم لا توسوس بعد ذلك ، فإن لبس الشيطان عليك بأنك لم تنو فلا تلتفت إلى تلبيسه، بل ادرأ في نحره وامض في عبادتك غير مكترث بهذه الوسوسة، وكذلك فافعل فيما يعرض لك من شك في أثناء الطهارة أو بعدها فأعرض عن هذا كله واطرح عنك الوسوسة حتى يحصل لك اليقين بانتقاض الطهارة، قال ابن المبارك: إذا شك في الحدث فإنه لا يجب عليه الوضوء حتى يستيقن استيقانا يقدر أن يحلف عليه.

واعلم أنه لا فرق بين من شك في انتقاض الطهارة وخروج الحدث بعد الوضوء أو في أثنائه، فإن الأصل عدم الحدث وهو يقين فلا يزول إلا بيقين مثله، ويزداد الأمر بالإعراض عن هذا الشك تأكداً، إذا كان ناشئاً عن الوسوسة كما هو الحال في مسألتك .

وأخيرا ننصحك بأن تغلق باب الوسوسة تماما، وأن لا تمكن الشيطان من أن يبذر بذور الشر في قلبك، فإنك إذا لم تقطع دابر الوسوسة ستنبت في صور متكررة فكلما عالجت واحدة منها رماك الشيطان بأخرى وهلم جرا حتى يفسد عليك دينك ودنياك نسأل الله لك العافية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني