الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من باع الأرض في حالة المزارعة والزرع لم يحصد

السؤال

تعويض المزارع الذي بيعت عليه الأرض دون إذنه:
مزارعون يعملون في أرض شخص بنسبة من الوارد منذ أكثر من مائة وخمسين سنة، ثم قام مالك الأرض ببيع أرضه إلى شخص آخر أجنبي، دون أن يستأذن هؤلاء المزارعين، ودون أن يعرض عليهم شراء الأرض، فهل يحق لهؤلاء أن يبطلوا هذا العقد ويقوموا بشراء هذه الأرض؟ أو هل يحق لهم أن يطالبوا المشتري بدفع مبلغ من المال إليهم لقاء ما لحق بهم من الضرر، ولكونهم أحق بهذه الأرض من غيرهم؟ أرجو الجواب، وذكر الحل المناسب؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمجرد عمل هؤلاء المزارعين في أرض مملوكة لغيرهم بنسبة من الخارج منها -سواء كان عملهم على سبيل المزارعة أو الإجارة- لا يجعل لهم حقاً في شراء هذه الأرض، وإذا باع المالك هذه الأرض لغيرهم فلا يحق لهم المطالبة بتعويض ولا إبطال هذا العقد، ولكن من مكارم الأخلاق أن يعرض صاحب الأرض إن أراد بيعها على المزارعين شراءها رعايةً لجانبهم.

ولكن في حالة المزارعة يقتصر حق هؤلاء المزارعين على نصيبهم المتفق عليه من الزرع الخارج من الأرض، فإذا كان الزرع قد حصد وباع المالك الأرض فلا إشكال، أما إذا باع الأرض والزرع لم يحصد ففي ذلك تفصيل يوضحه ما جاء في الفتاوى الهندية ونصه: وإذا دفع الرجل أرضه مزارعة سنة ليزرعها المزارع ببذره وآلاته فلما زرعها المزارع باعها رب الأرض فهذا على وجهين:

الأول: أن يكون الزرع بقلا -يعني أن الزرع قد ظهر ولم يحصد- والبقل هو كل زرع ناعم أخضر، وفي هذا الوجه البيع موقوف على إجازة المزارع سواء باع الأرض مع الزرع أو باع الأرض بدون الزرع، فإن أجاز المزارع البيع في الأرض والزرع جميعا نفذ البيع، وانقسم الثمن على قيمة الأرض وعلى قيمة الزرع يوم البيع، فما أصاب الأرض فهو لرب الأرض، وما أصاب الزرع فهو بين رب الأرض وبين المزارع نصفان، هذا إذا أجاز المزارع البيع، فإن لم يجز المزارع البيع فالمشتري إن شاء تربص حتى يدرك الزرع، وإن شاء فسخ البيع، هذا إذا باع الأرض والزرع جملة، وإن باع الأرض وحدها بدون الزرع، فإن أجاز المزارع البيع فالأرض للمشتري، والزرع بين البائع والمزارع نصفان. وإن لم يجز المزارع البيع فالمشتري بالخيار على نحو ما بينا، وإن باع الأرض وحصته من الزرع وأجاز المزارع البيع أخذ المشتري الأرض وحصة رب الأرض بجميع الثمن، وإن لم يجز البيع فالمشتري بالخيار، وإن أراد المزارع أن يفسخ البيع في هذه الصورة فالصحيح أنه ليس له ذلك.

الوجه الثاني: إذا باع رب الأرض بعدما استحصد الزرع، فإن باع الأرض بدون الزرع جاز البيع من غير توقف، وإن باع الأرض مع جميع الزرع نفذ البيع في الأرض وحصة رب الأرض من الزرع، ويتوقف في نصيب المزارع، فإن أجاز المزارع البيع كان للمزارع من الثمن حصة نصيبه من الزرع والباقي من الثمن لرب الأرض، وإن لم يجز البيع يخير المشتري إذا لم يعلم بالمزارعة وقت الشراء لتفرق الصفقة عليه، وإن كان صاحب الأرض باع الأرض والزرع بقل فلم يجز المزارع البيع فخير المشتري فلم يفسخ البيع حتى استحصد الزرع نفذ البيع في الأرض وحصة رب الأرض من الزرع، وللمشتري الخيار إن شاء أخذ الأرض وحصة رب الأرض من الزرع بحصتهما من الثمن، وإن شاء ترك، وإن كان باع الأرض مع حصته من الزرع فلم يجز المزارع البيع، ولم يفسخه المشتري حتى استحصد الزرع نفذ البيع وكان للمشتري أن يأخذهما بجميع الثمن ولا خيار له، وكذلك إذا باع الأرض دون الزرع فلم يجز المزارع البيع ولم يفسخ المشتري حتى استحصد الزرع نفذ البيع في الأرض ولا خيار للمشتري، كذا في المحيط. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني