الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صوم الخطيبة عن خطيبها الميت

السؤال

توفي خطيبي مبطونا وعليه صيام 6 أيام. هل يجوز لي أن أصوم بدلا منه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان هذا الميت رحمه الله قد تمكن من صوم ما عليه من أيام ثم لم يفعل حتى مات، أو كان مرضه مما لا يُرجى برؤه، فالواجبُ أن يُخرج من تركته ما يُطعم به مسكين عن كل يوم، وفي جواز الصوم عنه خلافٌ بين العلماء، والصحيح جوازه، لحديث عائشة رضي الله عنها : من مات وعليه صوم صام عنه وليه. متفقٌ عليه. وانظري الفتوى رقم: 105730.

فإن كنتِ من قرابته فلكِ أن تصومي عنه، لأنك والحالُ هذه من أوليائه، وإن لم تكوني من قرابته فقد اختلف المجيزون للصوم عن الميت في جواز صيام غير الولي عنه، والأظهرُ أن الجواز لا يختصُ بالولي لتشبيه النبي صلى الله عليه وسلم بالدين في حديث آخر، والدينُ يصح قضاؤه من كل أحد، وهذا القول هو ظاهر اختيار البخاري رحمه الله، وعلى هذا القول، فيجوزُ لك أن تصومي هذه الأيام الستة عن هذا الميت رحمه الله.

قال الحافظ ابن حجر: واختلف المجيزون في المراد بقوله: وليه. فقيل كل قريب، وقيل الوارث خاصة، وقيل عصبته، والأول أرجح، والثاني قريب، ويرد الثالث قصة المرأة التي سألت عن نذر أمها. واختلفوا أيضا هل يختص ذلك بالولي لأن الأصل عدم النيابة في العبادة البدنية ولأنها عبادة لا تدخلها النيابة في الحياة فكذلك في الموت إلا ما ورد فيه الدليل فيقتصر على ما ورد فيه، ويبقى الباقي على الأصل وهذا هو الراجح، وقيل يختص بالولي، فلو أمر أجنبيا بأن يصوم عنه أجزا كما في الحج، وقيل يصح استقلال الأجنبي بذلك، وذكر الولي لكونه الغالب، وظاهر صنيع البخاري اختيار هذا الأخير، وبه جزم أبو الطيب الطبري وقواه بتشبيهه صلى الله عليه وسلم ذلك بالدين والدين لا يختص بالقريب. انتهى.

والأفضلُ والأحوط أن تستأذني أولياءه في الصوم عنه إن لم تكوني من قرابته خروجاً من خلاف من منع غير الولي عن الصوم عن الميت.

قال النووي في شرح مسلم: ولو صام عنه أجنبي إن كان بإذن الولي صح، وإلا فلا في الأصح. انتهى.

وإن لم يكن هذا الميت رحمه الله قد تمكن من الصيام بأن اتصل مرضه بالموت، وكان ممن يُرجى برؤه فلا يجبُ قضاء الصوم عنه ولا الإطعام عنه.

قال في عون المعبود: واتفق أهل العلم على أنه إذا أفطر في المرض والسفر، ثم لم يفرط في القضاء حتى مات فإنه لا شيء عليه، ولا يجب الإطعام عنه، غير قتادة فإنه قال : يطعم عنه. وحُكي ذلك أيضا عن طاووس. انتهى.

قال الشيخ ابن عثيمين: الصوم لا يقضى عمن استمر عذره حتى مات، وكذلك لا يطعم عنه إلا أن يكون مريضاً مرضاً لا يرجى زواله فيكون حينئذ كالكبير الذي لا يستطيع الصوم، فيطعم عنه؛ لأن هذا وجب عليه الإطعام في حال حياته بدلاً عن الصيام.انتهى.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني