السؤال
سئل حكيم : بما تدرك الحكمة؟ فقال : بقلة الأكل. وسئل عابد : ما وجه العبادة؟ قال : قلة الأكل.
وسئل زاهد : بما ينال الزهد؟.. قال : بقلة الأكل. وسئل عالم : بم يدرك العلم؟.. قال : بقلة الأكل.
وسئل بعض الملوك : بما ينال الملك الأدب؟.. قال : بقلة الأكل. وسئل بعض الأطباء : بما تنال الصحة؟ قال : بقلة الأكل.
وقال لقمان لابنه : يا بني!.. الشبع يمنعك من نظر الاعتبار، ويمنع لسانك عن الحكمة، ويثقلك عن العبادة.
قال النبي (صلى الله عليه وآله): البسوا وكلوا واشربوا في أنصاف البطون، فإنه جزء من النبوة.
وعن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): من قلّ طعمه صحّ بدنه، وصفا قلبه، ومن كثر طعمه، سقم بطنه (بدنه)، وقسا قلبه.
الإمام علي (عليه السلام): من قل طعامه، قل آلامه.
الإمام علي (عليه السلام): أقلل طعاماً، تقلل سقاماً.
الإمام علي (عليه السلام): إذا أراد الله - سبحانه - صلاح عبده، ألهمه قلة الكلام، وقلة الطعام، وقلة المنام.
الإمام علي (عليه السلام): قلة الغذاء، كرم النفس، وأدوم للصحة.
الإمام علي (عليه السلام): من اقتصد في أكله : كثرت صحته، وصلحت فكرته.
الإمام علي (عليه السلام): من قلّ أكله، صفا فكره.
أبو طالب محمد بن علي بن عطية المكي الواعظ، صاحب (قوت القلوب) في التصوف، حكي أنه كان يستعمل الرياضة الروحية كثيراً، حتى قيل إنه هجر الطعام، واقتصر على أكل الحشائش، فكان طعامه عروق البُردي. قيل : فاخضر جلده من كثرة تناولها.
(أقول): كما روي عن موسى (عليه السلام) أنه اخضر صفاق بطنه من كثرة ما كان يأكل من بقول الأرض.
أريد الجواب لو سمحتم؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الإسلام حث على التقلل من الدنيا والزهد فيها وحذر من الإفراط في تناول الطعام والشراب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
ولكنه مع ذلك أمر بالأكل والشرب وأخذ الزينة باعتدال دون إفراط ولا تفريط فقال تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِين. َ{الأعراف: 31}.
فهذه الكلمات الواردة في السؤال تحمل معنى صحيحا وهو التقلل من الأكل مع الاعتدال في مراعاة حق الجسد.
وما جاء في السؤال عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: البسوا .. رواه الخطيب البغدادي في تلخيص المتشابه والديلمي في الفردوس بألفاظ مختلفة قريبا مما ذكر.
وقال عنه الألباني في السلسلة الضعيفة: ( لا أصل له ).وهو من أحاديث الإحياء التي لم يجد لها السبكي أصلا.
وأما حديث: من قل طعمه.. فقد رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق عن حذيفة بن اليمان مرفوعا وعقب عليه بقوله: وهذا إسناد فيه جماعة ممن لم تشتهر عند أصحاب الحديث.
ولم نقف عليه عند غيره، ومن المعلوم عند أهل العلم أن هذه الكتب من مظان الأحاديث الضعيفة كما جاء في طلعة الأنوار.
وما نمي لعق وعد وخط وكر * ومسند الفردوس ضعفه شهر ".
فهو يشير ب: "خط" للخطيب البغدادي، وب "كر" لتاريخ ابن عساكر ويصرح بالفردوس، ولذلك فالحديثان ضعيفان .
وننبه السائلة إلى أن أكثر أهل العلم كرهوا إفراد غير الأنبياء من الصحابة وغيرهم بدوام الصلاة والسلام عليهم أو تخصيصهم بذلك، فكانوا يصلون ويسلمون على الأنبياء ويترضون عن الصحابة ويترحمون على غيرهم ويصلون ويسلمون عليهم تبعا للأنبياء.
وانظري الفتوى رقم: 37150.
والله أعلم.