الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقوال الفقهاء فيمن أكره على الفطر

السؤال

سؤالي: هو إذا أرغم شخص من قبل شخص آخر على أن يفطر في رمضان، فهل يتمم صيامه أم لا؟ وهل يعوض صيامه بيوم آخر؟ وهل يناله إثم إن لم يتمم الصيام لكونه لم يعد هنالك صيام أصلا لأنه أفطر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن أكره على الإفطار في صوم واجب فإنه يجب عليه أن يمسك عن المفطرات ويتم صومه عند زوال الإكراه، إلا أن يكون ممن لا يجب عليه الصوم ابتداء كالمسافر والمريض، وهل يقضي بعد ذلك ؟ ينبني على الراجح من أقوال الفقهاء فيمن أكره على الفطر هل يفسد صومه أم أن صيامه صحيح ؟

فمن ذهب إلى فساد الصوم أوجب القضاء، ومن لم ير فساده لم يوجب القضاء.

جاء في الموسوعة الفقهية: مذهب الحنفيّة والمالكيّة ، أنّ من أكره على الفطر فأفطر قضى .... . وفرّق الشّافعيّة بين الإكراه على الأكل أو الشّرب ، وبين الإكراه على الوطء : فقالوا في الإكراه على الأكل: لو أكره حتّى أكل أو شرب لم يفطر ، كما لو أوجر في حلقه مكرهاً. أمّا لو أكره على الوطء زنىً ، فإنّه لا يباح بالإكراه ، فيفطر به ، بخلاف وطء زوجته، واعتمد العزيزيّ الإطلاق، فعلى هذا يكون الإكراه على الإفطار مطلقاً بالوطء والأكل والشّرب ، إذا فعله المكره لا يفطر به ، ولا يجب عليه القضاء إلاّ في الإكراه على الإفطار بالزّنى ... وهذا الإطلاق عند الشّافعيّة ، هو مذهب الحنابلة أيضاً : فلو أكره على الفعل ، أو فعل به ما أكره عليه ، بأن صبّ في حلقه ، مكرهاً أو نائماً ، كما لو أوجر المغمى عليه معالجةً ، لا يفطر ، ولا يجب عليه القضاء ، لحديث : وما استكرهوا عليه. اهـ .

ولعل الأقرب في المسألة قول الشافعية والحنابلة لأن الإكراه ينعدم فيه الاختيار، وهو أشد من النسيان، والناسي لا يفطر على القول الراجح، والإكراه على الفطر أخف من الإكراه على التلفظ بالكفر، ومن تلفظ بالكفر مكرها لا يكفر.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: فمن أكره على شيء من المفطرات ففعل فلا إثم عليه، وصيامه صحيح، لقوله تعالى: {وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } ولأن الله رفع حكم الكفر عمن أكره عليه، فما دونه من باب أولى. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» اهـ من مجموع فتاواه.

ولكن هذا كله في الإكراه المعتبر شرعا أنه إكراه كمن أجبر على الأكل بوضع الطعام في فيه أو هدد بالقتل أو أي أذى يشق احتماله ممن يغلب على الظن أنه سينفذ ما هدد به إذا لم يستجب المكره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني