الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحكمة من تعدد الشرائع

السؤال

ما الحكمة في تعدد الأديان السماوية؟ ولماذا لم ينزل الدين كاملا للبشرية أجمع من البداية؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الله تعالى له الحجة البالغة والحكمة الكاملة، فلا يُسأل عن ما يفعل سبحانه، وإنما يذعن المسلم لحكمه ويوقن في حكمته، فهذا هو الأصل المحكم الذي ينبغي أن ترد إليه هذه المسائل من حيث العموم والإجمال.

وأما من حيث التفصيل، فنقول للأخ السائل: إن دين الله واحد، فما أرسل الله رسولا ولا أنزل كتابا منذ البداية، إلا بهذا الدين الواحد الكامل، الذي ارتضاه لعباده ولا يقبل من أحد دينا سواه، وهو الاستسلام لله تعالى بالتوحيد والإيمان، والإذعان له بالطاعة والعبادة، فهذا هو دين جميع الأنبياء، قال تعالى: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ.

{الشورى : 13 }.

وراجع في ذلك الفتويين رقم: 39118، ورقم: 49073.

وأما الشرائع المختلفة من الحلال والحرام وتفاصيل ذلك، فمن رحمة الله وفضله، وحكمته وعدله، أن شرع لكل أمة ما اقتضته حكمته مما يناسبها ويليق بحالها وزمانها ومكانها، مع اتفاق الجميع على الأصول الكبار والقواعد الكلية، إلى أن أرسل الله النبي محمدا صلى الله عليه وسلم للناس كافة، بالشريعة الباقية إلى قيام الساعة، فأكمل الله له الدين، وأتم عليه النعمة، قال عز وجل: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ.

{المائدة: 48}.

قال السعدي: هذه الشرائع التي تختلف باختلاف الأمم، هي التي تتغير بحسب تغير الأزمنة والأحوال، وكلها ترجع إلى العدل في وقت شرعتها. وأما الأصول الكبار التي هي مصلحة وحكمة في كل زمان، فإنها لا تختلف، فتشرع في جميع الشرائع ـ ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة.

تبعا لشريعة واحدة لا يختلف متأخرها ولا متقدمها ـ ولكن ليبلوكم في ما آتاكم.

فيختبركم وينظر كيف تعملون، ويبتلي كل أمة بحسب ما تقتضيه حكمته ويؤتي كل أحد ما يليق به، وليحصل التنافس بين الأمم، فكل أمة تحرص على سبق غيرها، ولهذا قال: فاستبقوا الخيرات.

أي: بادروا إليها وأكملوها. هـ.

وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 94314، 27614، 39852، 813.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني