الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إخراج القيمة في كفارة اليمين ودفعها لشخص واحد

السؤال

هل يجوز إخراج كفارة اليمين لشخص مالا ليتعالج بهذا المال من مرض يعاني منه أم أنه لا يجوز وهل هناك قائل بهذا القول؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة عدم إجزاء القيمة في كفارة اليمين ولا غيرها من الكفارات، بل لا بد من إخراج كفارة اليمين على الوجه الذي نص الله تعالى عليه، فيطعم عشرة مساكين أو يكسوهم أو يعتق رقبة فإن لم يجد شيئا من ذلك صام ثلاثة أيام.

وعند الحنفية أنه يجوز دفع القيمة في كفارة اليمين، ويجوز إطعام مسكين واحد عشرة أيام أو كسوته عشرة أثواب في عشرة أيام، ولا يجوز دفع طعام الأيام العشرة للمسكين الواحد دفعة واحدة، وكذا الكسوة، فلو دفع إليه طعام الأيام العشرة في يوم واحد أجزأ عن يوم واحد، وعليه فإن دفع قيمة الطعام مالا وتمليكه للفقير يجزئ عند الحنفية وله أن يتصرف في تلك القيمة على الوجه الذي يريده.

غير أننا لم نجد لهم كلاما في دفع القيمة هل يجوز أن تدفع في يوم واحد للمسكين الواحد أم لا بد من عشرة أيام كالطعام والكسوة، ونخشى أن يكون شرط ذلك أن يملكه قيمة طعام كل يوم في يومه ولا يملكه قيمة الطعام دفعة واحدة.

وهاك بعض النقول عن الحنفية في هذه المسألة.

قال ابن نجيم في البحر الرائق: في البدائع لو أعطى طعام عشرة مساكين في كفارة اليمين في عشرة أيام لمسكين واحد غداه وعشاه عشرة أيام أجزأه عندنا، قوله ( ولو في يوم لا إلا عن يومه ) أي لو أعطى فقيرا ثلاثين صاعا في يوم لا يجزئه إلا عن واحد لفقد التعدد حقيقة وحكما لعدم تجدد الحاجة.

أطلقه فشمل ما إذا أعطاه بدفعة واحدة أو متفرقا على الصحيح كما في المحيط.

وفي طعام الإباحة لا يجوز في يوم واحد وإن فرق بلا خلاف كما في التتارخانية.

والكسوة في كفارة اليمين كالإطعام حتى لو أعطى مسكينا واحدا عشرة أثواب في عشرة أيام يجوز في كفارة اليمين لتجدد الحاجة حكما باعتبار تجدد الزمان.

وفي البدائع في كفارة اليمين لو غدى رجلا واحدا عشرين يوما أو عشى واحدا عشرين يوما أجزأه عندنا. انتهى.

وفي الفتاوى الهندية: ولو غدى مسكينا وأعطاه قيمة العشاء فلوسا أو دراهم أجزأه، وكذا إذا فعل ذلك في عشرة مساكين فغداهم وأعطاهم قيمة عشائهم فلوسا أو دراهم فإنه يجوز، ولو غدى عشرة في يوم ثم أعطاهم مدا مدا من حنطة أجزأه. انتهى.

وفيها أيضا: إذا أعطى كل مسكين نصف ثوب أو أعطى ثوبا عشرة مساكين عن كفارة يمينه لم يجزئه عن الكسوة، فإذا لم يجزئه عن الكسوة هل يجزئ عن الطعام إذا كانت تبلغ قيمته قيمة طعام عشرة مساكين؟ ذكر شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده أن في ظاهر رواية أصحابنا يجزئه نوى أن يكون بدلا عن الطعام أو لم ينو كذا في الظهيرية. انتهى.

وإذا علمت هذا وتقرر لك مذهب الحنفية في هذه المسألة فاعلم أن مذهب الجمهور أحوط وأبرأ للذمة وأدعى لسلامة العاقبة وأوفق لظاهر نص القرآن. فلا تجزئ القيمة في كفارة اليمين، ولا بد فيها من الإطعام أو الكسوة كما أمر بذلك الله تعالى، ولا بد أن يكون الإطعام لعشرة مساكين ولا يجزئ إطعام مسكين واحد عملا بظاهر القرآن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني