الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن ابن وثلاث بنات وابن ابن وبنت ابن وابن أخ شقيق

السؤال

الرجاء قسم الميراث على الورثة التالي ذكرهم: ابن، وثلاث بنات، وابن ابن، وبنت ابن، وابن أخ شقيق.
وصية تركها الميت تتعلق يتركته وهي: أن أحد محلات الدور الأرضي توزع القيمة الإيجارية الخاصة به على النحو التالي: 80 % صدقة جارية و20% كفالة يتيم.
كما أود أن أعرض عليكم مشكلة الإرث بيني وبين أخواتي ـ ولد و3 بنات ـ وهي كالتالي: توفي والدي الحاج: أحمد سيد محمد عبد الناصر عن عمر يناهز 72 عاما وترك لنا منزلا مكونا من الدور الأرضي عدد5 خمسة محلات منهم 2 اثنين إيجار جديد وعدد 3 إيجار قديم منهم محل واحد كتب والدي به وصية على أن يوزع ريع هذا المحل صدقة جارية80% وكفالة يتيم 20% وباقي الدور الأرضي عبارة عن شقة إيجار قديم وإجمالي الريع من هذه المحلات وشقة الأرضي بدون المحل الموصى به حوالي1050جنيها مصريا.
الدور الأول العلوي: شقتان الأولى كان يعيش بها والدي ـ رحمة الله عليه ـ عبارة عن أربعة غرف وصالة ومطبخ وحمام والثانية تؤجرها أختي الكبرى وتحصل منها على الإيجار وهي عبارة عن ثلاث غرف وصالة ومطبخ وحمام، حيث تقيم مع زوجها وأولادها في منزل ملك بنفس البلد.
الدور الثاني علوي: شقتان الأولى عبارة عن أربع غرف وصالة ومطبخ وحمام وتعيش فيها أختي الوسطى والثانية عبارة عن ثلاث غرف وصالة ومطبخ وحمام وأقيم فيها أنا.
الدور الثالث العلوي: عبارة عن شقة واحدة ثلاث غرف وصالة ومطبخ وحمام وتؤجرها أختي الصغرى وتحصل منها على الإيجار وتعيش مع زوجها وأولادها في بلد غير البلد.
ملحوظة توجد معنا عقود إيجار دائمة، لذا نرجو من سيادتكم سرعة الرد في توزيع هذا الإرث.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان الورثة محصورين فيمن ذكر ـ ولم يترك الميت وارثا غيرهم ـ فإن تركته لابنه وبناته الثلاث ـ تعصيبا ـ للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11}.

ولا شيء لابن الابن ولا لبنت الابن ولا لأبناء الأخ الشقيق، لأنهم جميعا محجوبون حجب حرمان بالابن, فتقسم التركة على خمسة أسهم, للابن سهمان, ولكل بنت سهم واحد.

وأما ما ذكره السائل من الشقق والإيجارات فالحكم فيه أن كل شقة من الشقق ملك لكل الورثة, فكل وارث منكم له نصيب في كل شقة بعينها, فأنت لك سهمان في كل شقة حتى الشقق التي تؤجرها بعض أخواتك والشقق التي تسكنها أخرى، وكل أخت من أخواتك لها سهم في كل شقة بعينها ولو لم تسكنها وتأخذ إيجارها وبهذا تعلم أنه لا يصح أن يعطى بعض الورثة شقة كاملة له، أو يأخذ الإيجار كاملا له، أو يأخذ بعضهم على الإيجار القديم والآخر على الإيجار الجديد، لأنه قد يأخذ أكثر من حقه، أو أقل إلا إذا تراضيتم بينكم على تلك القسمة, وانظر الفتوى رقم: 66593في كيفية قسمة الشقق بينكم.

وأما وصية والدكم بريع المحل صدقة جارية وكفالة لليتيم: فإن كنت تعني بقولك: كتب به والدي وصية ـ أنه أوقف رقبته فهذا وقف صحيح ينفذ في حدود الثلث ويصرف ريعه فيما حدده والدكم, جاء في الموسوعة الفقهية: فَإِنْ كَانَ مَا وَقَفَهُ لَا يَزِيدُ عَلَى ثُلُثِ التَّرِكَةِ صَارَ الْوَقْفُ لَازِمًا، وَيُعْتَبَرُ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ فِي اعْتِبَارِهِ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ، وَإِذَا خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ جَازَ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْوَرَثَةِ، وَإِذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْوَاقِفِ تَوَقَّفَ لُزُومُهُ عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ أَجَازُوهُ نَفَذَ الْوَقْفُ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ الْوَرَثَةُ نَفَذَ فِي الثُّلُثِ فَقَطْ، وَبَطَلَ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، لِأَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ تَعَلَّقَ بِالْمَالِ بِوُجُودِ الْمَرَضِ فَمَنَعَ التَّبَرُّعَ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ. اهـ.

وإن كنت تعني أنه أوصى بغلة المحل فقط ولم يوص بالمحل نفسه فهذه تعتبر وصية بمنفعة ويتعلق بها عدة أمور:

أولها: أنها وصية صحيحة في قول جمهور أهل العلم, جاء في الموسوعة الفقهية: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى جَوَازِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَنَافِعِ، لأَِنَّهَا كَالأَْعْيَانِ فِي تَمَلُّكِهَا بِعِقْدِ الْمُعَاوَضَةُ وَالإِْرْثِ، فَصَحَّتِ الْوَصِيَّةُ بِهَا كَالأَْعْيَانِ. اهـ.

ثانيا: أنها تصح في حدود ثلث التركة, وما زاد على الثلث لم يمض إلا برضا الورثة, جاء في الموسوعة الفقهية: وَتُخْرَجُ قِيمَةُ الْمَنَافِعِ مِنْ ثُلُثِ الْمَال، فَإِنْ لَمْ تُخْرَجْ مِنَ الثُّلُثِ، أُجِيزَ مِنْهَا بِقَدْرِ الثُّلُثِ. اهـ.

ثالثا: وتقدير كونها تساوي الثلث، أو أقل، أو أكثر يكون بتقدير عين المنفعة ـ المحل التجاري الموصى بغلته جاء في الموسوعة الفقهية: وَالْمَنْفَعَةُ الْمُوصَى بِهَا، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُطْلَقَةً أَمْ مُقَيَّدَةً فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهَا خُرُوجُ الْعَيْنِ الَّتِي أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهَا مِنْ ثُلُثِ الْمَال، فَإِنْ خَرَجَتْ مِنَ الثُّلُثِ جَازَتِ الْوَصِيَّةُ فِي جَمِيعِ الْمَنَافِعِ. اهـ.

والذي يظهر لنا من السؤال أن المحل لا يزيد على ثلث التركة فتصح الوصية بمنافعه كلها, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اَللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ زِيَادَةً فِي حَسَنَاتِكُمْ. رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ, وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي اَلدَّرْدَاءِ وَابْنُ مَاجَهْ: مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وراجع للفائدة فتوانا رقم: 103971فيما سميته بالإيجار القديم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني