الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوصية لمن لا يُدرَى حاله هل هو مسلم أو نصراني

السؤال

مات جدي وقد أوصى أمي بإعطاء حفيدة ابن أخيها (ابن ابنه) مبلغا من المال وهو من أم أمريكية وولد وعاش في أمريكا ولا ندري عنه شيئا هل هو مسلم أم مسيحي. فهل يجب التأكد أولا أم نرسل له المال الذي أوصى به جدي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالاصل في الشخص المذكور أنه مسلم طالما أنه ولد من أب مسلم ولا يحكم له بالكفر إلا بعد ثبوته عليه, وقد ذكر الفقهاء أن الردة تثبت بأمور منها: الإقرار من الشخص نفسه أو بشاهدة عدلين وقيل أربعة عدول. جاء في الموسوعة الفقهية: تثبت الرّدّة بالإقرار أو بالشّهادة، وتثبت الرّدّة عن طريق الشّهادة، بشرطين:

أ - شرط العدد:

اتّفق الفقهاء على الاكتفاء بشاهدين في ثبوت الرّدّة، ولم يخالف في ذلك إلاّ الحسن ، فإنّه اشترط شهادة أربعةٍ.

ب - تفصيل الشّهادة:

يجب التّفصيل في الشّهادة على الرّدّة بأن يبيّن الشّهود وجه كفره، نظراً للخلاف في موجباتها، وحفاظاً على الأرواح. اهـ.

فإن استطعتم أن تتأكدوا من ديانته قبل أن ترسلوا له المبلغ الموصى به, وظهر أنه مسلم ولم يكن وارثا لجده فالوصية له صحيحة فادفعوا له المال الموصى به له كله إن لم يزد على ثلث التركة.

وإن كان الموصى به أكثر من ثلث التركة فإن ما زاد عن الثلث لا يمضي إلا بإجازة الورثة، فإن لم يجيزوه أعطي مقدار الثلث فقط, وكذا إن كان ذلك الشخص وارثا لم يمض شيء من الوصية إلا بإذن الورثة, والشرط في صحة إذن الوارث أن يكون بالغا رشيدا.

وإن ثبتت عليه الردة بما ذكرنا فهو مرتد, وقد اختلف الفقهاء في صحة الوصية للمرتد المعين.

وقد جاء تلخيص أقوالهم في الموسوعة الفقهية ونحن ننقله بتمامه: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ لِلْمُرْتَدِّ فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي مُقَابِل الأَْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ أَنَّهُ لاَ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْمُرْتَدِّ .... وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْمُرْتَدِّ الْمُعَيَّنِ ، أَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلاَ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ، وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ مِنْ جَوَازِ الْوَصِيَّةِ لِلْمُرْتَدِّ مَا إِذَا لَحِقَ الْمُرْتَدُّ بِدَارِ الْحَرْبِ وَامْتَنَعَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ قَالُوا لاَ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ قَطْعًا ... اهـ .

وَمَحَلُّ صِحَّتِهَا لِلْمُرْتَدِّ المعين عند الشافعية إذَا لم يَمُتْ على رِدَّتِهِ, وبما أن المسألة خلافية وأن الردة لا تثبت إلا بشروط فلا مناص من الرجوع إلى المحكمة الشرعية عندكم لتنظر في الوصية وفي كونه مسلما أو كافرا وتحكم عليه بما يظهر لها, وانظر الفتوى رقم: 121878عن الوصية للوارث, والفتوى رقم: 17225عن إطلاق لفظ مسيحي على النصراني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني