الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تجب الجمعة على من نزل ببلد له فيها أهل

السؤال

نحن مجموعة من السكان نسكن في قرية بعيدة نسبيا، ونزحنا نحو المدينة منذ زمن بعيد، والآن نحن نزور أملاكنا وأراضينا للفلاحة وما شابه، والمشكلة أن جميع السكان لديهم أعمال هنا في المدينة، وليس لديهم وقت إلا يوم الجمعة، وليس لدينا مسجد ولا شخص ذو وعي ديني للقيام بالخطبة والصلاة، علما أن القرية تسكن بها ثلاث عائلات فقط، والناس يفضلون زيارة القرية يوم الجمعة أحيانا للفلاحة، وأحيانا أخرى للسياحة وفقط، وهناك مسجد يبعد عن القرية مسافة ساعة ونصف على الأقدام، ويتطلب مشقة كبيرة، ولن يكون هناك وقت للعودة إلى المدينة في حال الذهاب إلى ذلك المسجد. فما رأي فضيلتكم في التخلف عن صلاة الجمعة؟ وما رأي الشرع في ذلك؟ وبماذا تنصحون السكان ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أولا أن العلماء اختلفوا في من نزل ببلد له فيها أهل أو مال هل يكون مسافرا أو مقيما؟ فعلى القول بأنه يكون مقيما فلا إشكال في وجوب الجمعة عليكم والحال ما ذكر إذا توفرت شروطها، وعلى القول الثاني فإن كان سفركم هذا يبيح القصر فلا جمعة عليكم عند الجمهور على ما يأتي، وقد أوضحنا هذا الخلاف ورجحنا القول بأنه يكون مسافرا يباح له الترخص برخص السفر إذا توفرت الشروط الأخرى المعتبرة للترخص، وانظر الفتوى رقم 123112، ثم اعلم أنه قد اختلف العلماء في حكم إنشاء السفر يوم الجمعة وقد بينا أحكام إنشاء السفر يوم الجمعة ورجحنا جوازه قبل الزوال وإن كان تركه أولى، وانظر الفتوى رقم: 115301.

ثم إن كانت هذه القرية تبعد عن المدينة التي تسكنونها مسافة تقصر فيها الصلاة فلا تجب عليكم الجمعة عند الجمهور، لأن الجمعة لا تجب على المسافر، وذهب بعض العلماء إلى وجوبها عليه إن كان نازلا، ومن العلماء من أوجبها على المسافر مطلقا.

قال في بداية المجتهد: وأما المختلف فيهما فهما المسافر والعبد، فالجمهور على أنه لا تجب عَلَيْهِمَا الْجُمُعَةُ ، وَدَاوُدُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى أَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِمَا الْجُمُعَةُ . وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمِ اخْتِلَافُهُمْ فِي صِحَّةِ الْأَثَرِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ ، وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : - " الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلَّا أَرْبَعَةً : عَبْدٌ مَمْلُوكٌ . أَوِ امْرَأَةٌ . أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَرِيضٌ " وَفِي أُخْرَى " إِلَّا خَمْسَةٌ " وَفِيهِ " أَوْ مُسَافِرٌ " وَالْحَدِيثُ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ. انتهى.

فالأحوط إذن الخروج من الخلاف، وإن كان قول الجمهور هو ما عرفت، وأما إن كان وصف السفر لا يصدق عليكم لكونكم نويتم الإقامة أربعة أيام أو أكثر، فإن كانت شروط الجمعة متوفرة في أهل هذه القرية وجب عليهم إقامة الجمعة، ووجبت عليكم الجمعة تبعا لهم، وأما إن لم تتوفر الشروط المعتبرة لوجوب الجمعة في أهل هذه القرية لم تجب عليهم إقامة الجمعة، وانظر الفتوى رقم: 123991 وما أحيل عليه فيها، ويجب عليهم شهود الجمعة في المكان الذي تقام فيه إن كانوا بحيث يسمعون النداء، وقدر بعض العلماء ذلك بأن يبعدوا عن مكان إقامتها بقدر فرسخ فأقل، وانظر الفتوى رقم: 116733 ورقم: 137410.

وحيث وجبت الجمعة فإن أمر الخطبة ليس عسيرا كما يتصوره البعض، فالواجب هو أن يقوم أحد الناس فيخطب خطبتين تشتمل كل واحدة منهما على حمد الله والتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقراءة آية من القرآن والأمر بالتقوى أو غير ذلك من الوعظ ويدعو في آخر الخطبة الثانية، فإن فعل هذا فقد صحت الخطبة ثم يصلي بالناس الجمعة ركعتين، وانظر لمعرفة أركان الخطبة الفتوى رقم: 127805 ورقم: 115949.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني