الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن أم وابنين وثلاث بنات

السؤال

الرجاء قسم الميراث على الورثة التالي ذكرهم: أم، وابنان، وثلاث بنات.
علما بأن أخي الصغير مدمن مخدرات وتم علاجه أول مرة على حساب الأخ الأكبر في مستشفى خاص، والآن بعد خروجه من المستشفى رجع مرة ثانية, والأم تريد أن تدخله المستشفى كي يعالج مرة ثانية، وفترة العلاج المتوقعة 6 أشهر، ومبلغ العلاج في الشهر الواحد سبعة آلاف جنيه مصري، فهل تجوز معالجته من إرثه؟وهل نعطيه ماله؟ علما بأنه أخذ ستين ألف جنيه وصرفها خلال ثلاثة أشهر على المخدرات، أفيدوني جزاكم الله خيرا ونسألكم الدعاء وبارك الله فيكم ونفع الله بكم وجعله في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان واقع أخيك ما ذكر فإنه سفيه يحجر عليه لحظ نفسه، فإن كان صغيراً لم يبلغ سن الرشد، أو بلغ وهو سفيه دفع نصيبه من الميراث إلى وليه، أو الوصي عليه، وانظر الفتوى رقم: 28545، عمن يتولى أموال القاصرين والعاجزين.

ولا بأس أن ينفق نصيبه في علاجه، وإن كان أخوك قد طرأ عليه السفه بعد بلوغه ورشده فإن الحجر عليه يكون عن طريق القضاء الشرعي في قول جمهور أهل العلم، جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء القائلين بالحجر على السفيه إلى أن الحجر عليه لا بد له من حكم حاكم، كما أن فك الحجر عنه لا بد له من حكم حاكم أيضاً، لأن الحجر إذا كان بحكم الحاكم لا يزول إلا به، ولأن الرشد يحتاج إلى تأمل واجتهاد في معرفته وزوال تبذيره فكان كابتداء الحجر عليه، وذهب محمد بن الحسن من الحنفية وابن القاسم من المالكية إلى أن السفيه لا يحتاج في الحجر عليه إلى قضاء القاضي، لأن فساده في ماله يحجره وصلاحه فيه يطلقه وإن علة الحجر عليه السفه وقد تحقق في الحال، فيترتب عليه موجبه بغير قضاء، كالصبا والجنون. انتهى.

وعلى هذا، فارفعوا أمر أخيكم إلى القضاء الشرعي حتى يتم الحجر عليه، فإن تعذر ذلك بكل حال فلا مناص من أن تتولوا أنتم الحجر عليه فلا تدفعوا له ماله حتى يصير رشيداً، وإذا كان الميت قد توفي عمن ذكر ولم يترك وارثاً غيرهم وكان المقصود بالأم، أم الميت وليس زوجته، فإن لأمه السدس ـ فرضاً ـ لوجود الفرع الوارث قال الله تعالى: وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ {النساء:12}.

والباقي للابنين والبنات ـ تعصيباً ـ للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ {النساء:11}.

فتقسم التركة على اثنين وأربعين سهماً، للأم سدسها ـ سبعة أسهم ـ ولكل ابن عشرة أسهم، ولكل بنت خمسة أسهم.

وأما إن كان المقصود بالأم زوجة الميت وسميتها أماً باعتبار قرابتها للأولاد، فإن المال يقسم على ثمانية للزوجة سهم، ولكل بنت سهم، ولكل ولد سهمان.

ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا، أو ديون، أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي ـ إذاً ـ قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية ـ إذا كانت موجودة ـ تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني