الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أفطر عمدا عدة سنوات ولم يقض ما عليه

السؤال

سبع سنوات مرت لم أصم فيها جيدا, كنت أفطر فيها عمدا, ولم أقم بقضائها, وأنا أعلم بأن الكفارة هي إطعام مسكين عن كل يوم, فكيف يتم الإطعام؟ وهل يكون بإعطائه صاعين ونصف من الأرز؟ وقد قرأت بأنه يجب الاختيار في الإطعام بين الجنسين، مع العلم بأنني طالبة جامعية ليس لدي دخل ولا حساب في البنك, فقط لدي 15 دينارا, أتمنى أن تشرحوا لي كيف يمكنني إطعام مسكين عن كل يوم؟ وهل هناك كفارة أخرى؟ أفيدوني بارك الله فيكم, وبكم أثابكم الله؟ وهل يمكنني صيام كل اثنين وخميس ليس كقضاء، وإنما اقتداء بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم وعلي سبع سنوات لم أصمها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن تعمد الفطر في نهار رمضان بغير عذر شرعي من كبائر الذنوب عند الله تعالى, لأن صيام رمضان أحد أركان الإسلام التي بني عليها, فعلى السائلة أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا, وينبغي لها أن تكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة، ويجب عليها أن تقضي سائر الأيام التي أفطرتها من رمضان عمدا على قول جمهور أهل العلم، فإن جهلت، أو نسيت عددها فلتصم حتى يغلب على ظنها أنها قد قضت ما عليها، كما يجب عليها زيادة على القضاء كفارة تأخير القضاء إلى رمضان التالي من غير عذر، ومن الأعذار الجهل بحرمة تأخير القضاء، فإن كنت تجهلين ذلك فلا كفارة عليك، وهذه الكفارة مد من غالب قوت أهل البلد يدفع لمسكين عن كل يوم أفطرته في رمضان ولم تقومي بقضائه قبل حلول رمضان التالي لرمضان الذي حصل فيه الفطر، وكفارة التأخير مبينة في الفتوى رقم: 1115590

ولا كفارة لما قمت به غير التوبة والقضاء مع كفارة التأخير، علما بأن كفارة التأخير لا تكرر بتعدد رمضان فما وجب عليك من الكفارة بسبب تأخير قضاء رمضان الأول حتى جاء التالي لا يضاعف عليك إذا لم تقومي بقضائه قبل رمضان الذي يلي ذلك أيضا وهكذا، قال في المغني : فإن أخره لغير عذر حتى أدركه رمضانان، أو أكثر لم يكن عليه أكثر من فدية مع الفطر، لأن أكثر التأخير لا يزداد بها الواجب, كما لو أخر الحج الواجب سنين لم يكن عليه أكثر من فعله. انتهى.

وإن كنت عاجزة عن دفع كفارة التأخير لقلة ما بيدك فلا شيء عليك في حال العجز، لأن الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، لكنها باقية في ذمتك إلى أن تستطيعي فتخرجيها، وقيل تسقط، كما سبق بيانه في الفتويين رقم: 116908ورقم: 131133

هذا إذا كان الفطر بغير جماع وإلا وجبت الكفارة الكبرى مع القضاء، ولبيان الكفارة الكبرى يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 78180.

وحيث إن السائلة كانت تترك الصيام من غير عذر فعليها المبادرة بالقضاء حسب الاستطاعة فتصوم الاثنين والخميس وغيرهما بنية القضاء، لأن من أهل العلم من يرى عدم جواز صوم التطوع لمن عليه قضاء صيام الفرض، قال ابن قدامة في المغني: اختلفت الرواية عن أحمد في جواز التطوع بالصوم ممن عليه صوم فرض فنقل عنه حنبل أنه قال: لا يجوز له أن يتطوع بالصوم وعليه صوم من الفرض حتى يقضيه يبدأ بالفرض. انتهى .

إضافة إلى القول بوجوب قضاء الصيام فورا إذا فات من غير عذر، كما سبق بيانه في الفتويين رقم: 134847ورقم: 143037

وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 150387.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني