الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يبتلى العبد حتى يبلغ المنزلة التي كتبها الله له

السؤال

إن الدنيا ضاقت علي بما رحبت لأن كل شيء ينقلب عكس حتى عندما تدينت انقلب العكس ما أدري ما الحل إذا انتحرت تعذبت في نار جهنم وإذا عشت أعيش في الهم والغم حتى من كثر ما أنا ضائقة بي الدنيا مللت من الجنة هذا إذا دخلتها وأريد أن الله يمحوني نهائيا من الدنيا والآخرة وعلى فكرة أنا محافظ جداً ولم أقع في معصية خطيرة ومع ذلك هذا الضيق في حياتي وأنا لا اعترض على قضاء الله أو أشكو الله للناس ولكن من الضيق الذي أنا فيه وعلى فكرة هل الإنسان ينتقم منه لأجل يعاقب الله ولديه على شيء هم فعلوه وهذا الولد ضحية عمل ما فما الحل برأيكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فيحرم عليك الاستسلام لمثل هذه الوساوس الشيطانية الخبيثة التي يريد أن يفسد بها عليك استقامتك وحياتك وآخرتك.
وعليك أن تستغفر الله من قولك: إنك مللت من كل شيء حتى من الجنة إن دخلتها، لأن في هذا الكلام استهانة بنعيم الله ودار ثوابه، ولا يقول ذلك مؤمن بالله وبما جاء من عنده.
وكونك تحب الانتهاء من الدنيا والآخرة مناف لقولك: إنك لا تعترض على قضاء الله وقدره، إذ كيف يجتمع هذا الإيمان مع اليأس والقنوط الذي يسيطر عليك والذي هو من صفات الكافرين، قال سبحانه وتعالى: (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) [يوسف:87].
والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تمني الموت لأجل ضرر دنيوي يمس الإنسان، ففي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلاً فَلْيَقُل:ْ اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْراً لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْراً لِي".
قال ابن حجر: لأن في التمني المطلق نوع اعتراض ومراغمة للقدر المحتوم، وفي هذه الصورة المأمور بها نوع تفويض وتسليم للقضاء. انتهى
فلا تستسلم لهذه الخواطر، وعليك بمجاهدتها والتحصن منها بتفويض كل أمورك إلى الله، والقرب منه بالطاعة، وقراءة كتابه، والإكثار من ذكره، فبذلك ينشرح صدرك، ويطمئن قلبك، فالله جل وعلا يقول: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد:28].
واعلم أن الله سبحانه لا يظلم أحداً، ولا ينتقم من ولد بوالده، فهو القائل: (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) [الزمر:7].
لكن الله جل وعلا قد يبتلي الإنسان بأهله أو ولده لحكمة قدرها سبحانه، وقد ينال بها المنزلة الرفيعة، فعند أبي داود وأحمد يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة لم يبلغها بعمله ابتلاه في جسده أو في ماله أو في ولده، ثم يصبره حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له منه".
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 1691، 2386، 10397، 10119.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني