الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صيام السبت منفردا

السؤال

يرهقني صيام داود ويضعف قوتي، وصيام الإثنين والخميس لا يطفئ شهوتي. فأردت صياما بينهما يخمد نار الشهوة ولا يخالف السنة. فهل يجوز لي أن أصوم أي الأيام شئت ؟ وما حكم صيام السبت دون يوم قبله أو بعده في هذه الحالة، علما بأني لا أطيق صيام يومين متتاليين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا مانع من أن تصوم أي يوم من أيام الأسبوع ماعدا الأيام التي ورد النهي عن إفرادها بالصيام تطوعا ومنها السبت، فينبغي أن تصوم يوما قبله أو بعده لتتجنب النهي، ويكره إفراده بالصيام إلا في حالات سبق ذكرها في الفتوى رقم : 120002.

قال ابن قدامة في المغني: قَالَ أَصْحَابُنَا: يُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ السَّبْتِ بِالصَّوْمِ؛ لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ، إلَّا فِيمَا اُفْتُرِضَ عَلَيْكُمْ . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، عَنْ أُخْتِهِ الصَّمَّاءِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ، إلَّا فِيمَا اُفْتُرِضَ عَلَيْكُمْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ، أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ، فَلْيَمْضُغْهُ» . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد. وَقَالَ: اسْمُ أُخْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ هُجَيْمَةُ، أَوْ جُهَيْمَةُ. قَالَ الْأَثْرَمُ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَمَّا صِيَامُ يَوْمِ السَّبْتِ يُفْرَدُ بِهِ فَقَدْ جَاءَ فِيهِ حَدِيثُ الصَّمَّاءِ، وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يَتَّقِيه، أَيْ: أَنْ يُحَدِّثَنِي بِهِ، وَسَمِعْته مِنْ أَبِي عَاصِمٍ وَالْمَكْرُوهُ إفْرَادُهُ، فَإِنْ صَامَ مَعَهُ غَيْرَهُ؛ لَمْ يُكْرَهْ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجُوَيْرِيَةَ. وَإِنْ وَافَقَ صَوْمًا لَإِنْسَانٍ، لَمْ يُكْرَهْ، لِمَا قَدَّمْنَاهُ. انتهى.

وفي المجموع للنووي: يُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ السَّبْتِ بِالصَّوْمِ، فَإِنْ صَامَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ مَعَهُ لَمْ يُكْرَهُ. صَرَّحَ بِكَرَاهَةِ إفْرَادِهِ أَصْحَابُنَا مِنْهُمْ الدَّارِمِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ، لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ عَنْ أُخْتِهِ الصَّمَّاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إلَّا فِيمَا اُفْتُرِضَ عَلَيْكُمْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ. قَالَ: وَمَعْنَى النَّهْيِ أَنْ يَخْتَصَّهُ الرَّجُلُ بِالصِّيَامِ لِأَنَّ الْيَهُودَ يُعَظِّمُونَهُ. انتهى.

وانظر الفتوى رقم : 161543، والفتوى رقم : 2078.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني