الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تأخير المرأة للصلاة لحين انتهاء أعمالها المنزلية

السؤال

أحيانا عند قيام المرأة بأعمال المنزل يذهب عليها وقت الصلاة دون أن تنتبه وأحيانا تؤجل الصلاة حتى تنهي عملها وتستحم، فهل يؤاخذها الله على تأجيل الصلاة وقصدها في ذلك أنها تريد أن تصلي وهي نظيفة؟ وهل تؤجر على عملها في المنزل؟ وهل تؤجر الفتاة على تحضير السحور والفطور لأهلها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:

فإن لكل صلاة وقتا حدده الشارع ابتداء وانتهاء، وقد بينا ذالك في عدة فتاوى لنا منها الفتويين التاليتين: 13740 40996.

فإذا كانت هذه السيدة تصلي الصلاة داخل وقتها المحدد لها شرعا ولو في آخره فلا حرج عليها في ذلك، وإن كانت تؤخر الصلاة حتى يخرج وقتها المحدد لها شرعا بحجة الانشغال بالأعمال المنزلية, فذلك لا يجوز، فالصلاة يجب أن تؤدى في وقتها المحدد لها شرعا وإلا كان المرء مفرطا مضيعا لها, قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء:103}. أي مفروضة في أوقات معينة، لا يجوز إخراجها عنه، فمن أخرجها عن الوقت بغير عذرٍ شرعيٍ، كان مضيعاً لها ومتوعَدا بالغي الوارد في قوله تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59}.

قال ابن مسعود وإبراهيم: أضاعوا الصلاة ـ أخروها عن وقتها.

وقال سعيد بن المسيب: هو أن لا يصلي الظهر حتى يأتي العصر، ولا العصر حتى تغرب الشمس.

وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:5 ـ4}. أي: مضيعون لها، تاركون لوقتها.

وقال صلى الله عليه وسلم: من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله. رواه البخاري.

وفي رواية: فقد حبط عمله.

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ عَمَّنْ تَرَكَ صَلَاةً وَاحِدَةً عَمْدًا بِنِيَّةِ أَنَّهُ يَفْعَلُهَا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا قَضَاءً، فَهَلْ يَكُونُ فِعْلُهُ كَبِيرَةً مِنْ الْكَبَائِرِ؟ فَأَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَعَمْ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا الَّذِي يَجِبُ فِعْلُهَا فِيهِ عَمْدًا مِنْ الْكَبَائِرِ. اهـ.

وقال أيضا في منهاج السنة: فمن فوت صلاة واحدة عمدا فقد أتى كبيرة عظيمة فليستدرك بما أمكن من توبة وأعمال صالحة، ولو قضاها لم يكن مجرد القضاء رافعا إثم ما فعل بإجماع المسلمين. اهـ.

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن من ترك صلاة واحدة حتى يخرج وقتها أنه يكفر وهذا اختيار الشيخ ابن باز ـ رحمه الله تعالى ـ والمفتى به عندنا أنه لا يكفر كفرا مخرجا من الملة وهو قول جمهور أهل العلم.

والحاصل أن الأعمال المنزلية ليست عذرا في تأخير الصلاة على وقتها, وكذا قولها تريد أن تصلي وهي نظيفة، ليس فيه حجة، فإن اتساخ الثياب ليس عذرا، والمهم أن يكون الثوب طاهرا من النجاسة, كما يمكنها أن تبدل ثيابها للصلاة إن أرادت أن تصلي في ثياب نظيفة.

وفي خصوص سؤالها الأخير، فالمرأة تؤجر ـ إن شاء الله تعالى ـ على قيامها بشؤون أسرتها من تجهيز الطعام وسائر الأعمال المنزلية إن هي احتسبت الأجر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني