الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صلاة من صلى وعلى ثوبه أو بدنه دم

السؤال

هل تجوز الصلاة في ثوب وقع عليه دم شخص آخر بسبب جرح ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فلا تصح صلاة من صلى وعلى ثوبه أو بدنه دم لأنه نجس سواء كان الدم منه أو من غيره، إلا أنه يعفى عن اليسير من ذلك عند جمهور العلماء.
وقد اختلفوا في حد اليسير، وأكثرهم حده بقدر الدرهم فما دون. ففي العناية شرح الهداية في المذهب الحنفي: (وقدر الدرهم وما دونه من النجس المغلظ كالدم والبول والخمر وخرء الدجاج وبول الحمار جازت الصلاة معه، وإن زاد لم تجز).
وفي مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: (ودون درهم من دم مطلقاً. يعني أنه يعفى عما كان دون الدرهم من الدم مطلقاً، سواء كان دم حيض أو ميتة أو خنزير أو غير ذلك). انتهى. والمراد بالدرهم عندهم: الدرهم البغلي وهو الدائرة السوداء التي تكون في باطن ذراع البغل.
وحد الشافعية القليل بالعرف فقد سئل الرملي عن الدم المعفو عنه من الفصد والحجامة والدماميل والقروح، هل هو ما دام على محله وإن كثر وسال أو إذا سال يكون أجنبياً وحينئذ فالدم الأجنبي الذي يعفى عن قليله فقط؟ فأجاب: (بأنه يعفى عن الدم المذكور في محله، فإن كثر وسال منه فإن جاوز محله أو حصل بفعله عفي عن قليله عرفاً دون كثيره، كما يعفى عن قليله من غيره من كل حيوان طاهر. وهذا هو الراجح، وعليه يحمل اختلاف الترجيح فيه الواقع في كلام الرافعي والنووي). انتهى
وقال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: (الأظهر العفو عن قليل دم الأجنبي من نفسه كأن انفصل منه ثم عاد إليه، ومن غير نحو الكلب لأن جنس الدم يتطرق إليه العفو فيقع القليل منه في محل المسامحة.
قال في الأم: والقليل ما تعافاه الناس أي عدوه عفواً، وعن القديم يعفى عما دون الكف. أما دم نحو الكلب فلا يعفى عن شيء منه لغلظه. كما صرح به في البيان ونقله عنه في المجموع وأقره).
انتهى
وقال ابن قدامة في المغني: (وظاهر مذهب أحمد أن اليسير مالا يفحش في القلب). وقال أيضاً: (قال الخلال: الذي استقر عليه قوله يعني أحمد في الفاحش أنه على قدر ما يستفحشه كل إنسان في نفسه). وقال أيضاً: (ولنا أنه لا حد له في الشرع فرجع فيه إلى العرف كالتفرق والإحراز...) .
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني