الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من صفات النبي صلى الله عليه وسلم الخَلْقية

السؤال

رأيت وصفًا لسيدنا محمد صلّى الله عليه وسلم في مواقع كثيرة, وكانت كلها تبدأ بهذا القول لأنس - رضي الله عنه - فما صحة هذا الوصف - جزاكم الله عنا خيرًا -؟ مثال ذلك: صفة لونه: عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أزهر اللون، ليس بالأدهم, ولا بالأبيض الأمهق - أي لم يكن شديد البياض والبرص - يتلألأ نورًا. صفة وجهه: كان صلى الله عليه وآله وسلم أسيل الوجه, مسنون الخدين, ولم يكن مستديرًا غاية التدوير، بل كان بين الاستدارة والإسالة, هو أجمل عند كل ذي ذوق سليم, وكان وجهه مثل الشمس والقمر في الإشراق والصفاء، مليحا كأنما صيغ من فضة, لا أوضأ ولا أضوأ منه, وكان صلى الله عليه وآله وسلم إذا سُرَّ استنار وجهه حتى كأن وجهه قطعة قمر, قال عنه البراء بن عازب: (كان أحسن الناس وجهًا وأحسنهم خلقًا). صفة جبينه: عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسيل الجبين - والأسيل: هو المستوي - أخرجه عبد الرازق, والبيهقي, وابن عساكر, وكان صلى الله عليه وآله وسلم واسع الجبين - أي ممتد الجبين طولاً وعرضًا- والجبين هو غير الجبهة، هو ما اكتنف الجبهة من يمين وشمال، فهما جبينان، فتكون الجبهة بين جبينين, وسعة الجبين محمودة عند كل ذي ذوق سليم, وقد وصفه ابن أبي خيثمة فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أجلى الجبين، إذا طلع جبينه بين الشعر, أو طلع من فلق الشعر, أو عند الليل, أو طلع بوجهه على الناس، تراءى جبينه كأنه السراج المتوقد يتلألأ. صفة حاجبيه: كان حاجباه صلى الله عليه وآله وسلم قويان مقوسان، متصلان اتصالاً خفيفًا، لا يرى اتصالهما إلا أن يكون مسافرًا؛ وذلك بسبب غبار السفر. صفة عينيه: كان صلى الله عليه وآله وسلم مشرب العينين بحمرة، وقوله: مشرب العين بحمرة: هي عروق حمر رقاق, وهي من علاماته صلى الله عليه وآله وسلم التي في الكتب السالفة, وكانت عيناه واسعتين جميلتين، شديدتي سواد الحدقة، ذات أهداب طويلة - أي رموش العينين - ناصعتي البياض, وكان صلى الله عليه وآله وسلم أشكل العينين, قال القسطلاني في المواهب: الشُّكلة بضم الشين هي الحمرة تكون في بياض العين وهو محبوب محمود, وقال الزرقاني: قال الحافظ العراقي: هي إحدى علامات نبوته صلى الله عليه وآله وسلم، ولما سافر مع ميسرة إلى الشام سأل عنه الراهب ميسرة فقال: في عينيه حمرة؟ فقال: ما تفارقه, وكان صلى الله عليه وآله وسلم إذا نظرت إليه قلت: أكحل العينين, وليس بأكحل. رواه الترمذي. وعن عائشة قالت: كانت عيناه صلى الله عليه وآله وسلم نجلاوان أدعجهما - والعين النجلاء الواسعة الحسنة, والدعج: شدة سواد الحدقة، ولا يكون الدعج في شيء إلا في سواد الحدقة - وكان أهدب الأشفار حتى تكاد تلتبس من كثرتها. أخرجه البيهقي في الدلائل, وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق. صفة أنفه: يحسبه من لم يتأمله صلى الله عليه وآله وسلم أشمًّا ولم يكن أشمًّا, وكان مستقيمًا، أقنى - أي طويلاً - في وسطه بعض ارتفاع، مع دقة أرنبته والأرنبة هي: ما لان من الأنف. صفة خديه: كان صلى الله عليه وآله وسلم صلب الخدين, فعن عمار بن ياسر - رضي الله عنه - قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده), أخرجه ابن ماجه, وقال مقبل الوادعي: هذا حديث صحيح. صفة فمه وأسنانه: قال هند بن أبي هالة - رضي الله عنه -: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشنب مفلج الأسنان), والأشنب: هو الذي في أسنانه رقة وتحدد. أخرجه الطبراني في المعجم الكبير, والترمذي في الشمائل, وابن سعد في الطبقات, والبغوي في شرح السنة. وعن جابر بن سمرة - رضي الله عنه -قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ضليع الفم - أي واسع الفم - جميله، وكان من أحسن عباد الله شفتين, وألطفهم ختم فم, وكان صلى الله عليه وآله وسلم وسيمًا أشنب - أبيض الأسنان, مفلج - أي متفرق الأسنان - بعيد ما بين الثنايا والرباعيات- أفلج الثنيتين – الثنايا: جمع ثنيَّة بالتشديد, وهي الأسنان الأربع التي في مقدم الفم، ثنتان من فوق, وثنتان من تحت، والفلج هو: تباعد بين الأسنان - إذا تكلم رئي كالنور يخرج من بين ثناياه، والنور المرئي يحتمل أن يكون حسيًا كما يحتمل أن يكون معنويًا فيكون المقصود من التشبيه: ما يخرج من بين ثناياه من أحاديثه الشريفة, وكلامه الجامع لأنواع الفصاحة والهداية. ثم تبع ذلك الوصف عدة صفات أخرى صفة ريقه ولحيته ورأسه وشعره وعنقه ورقبته ومنكبيه وصفة خاتم النبوة وذراعيه وكفيه وأصابعه وصدره وبطنه وساقيه وقدميه ...الخ!! ولم أرَ هذا الموضوع في مواقع إسلامية معتمدة, فهل يمكن أن تفيدونا بالتوضيح, بالإضافة لكتابة المواقع الإسلامية السنية الصحيحة والمعتمدة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن ما ذكر في السؤال من وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء في كتب الحديث والسير والشمائل, وفيه الصحيح والضعيف, فمن الصحيح ما جاء في صحيح البخاري عن أنس بن مالك في وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "كان ربعة من القوم، ليس بالطويل ولا بالقصير، أزهر اللون ليس بأبيض أمهق ولا آدم، ليس بجعد قطط.. الحديث, وفيه عن البراء: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها، وأحسنهم خلقا ليس بالطويل البائن ولا بالقصير.. الحديث
وعن الحسن: كان - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس, ربعة إلى الطول ما هو بعيد ما بين المنكبين, أسيل الخدين, شديد سواد الشعر, أكحل العينين, أهدب الأشفار.. الحديث. حسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير.
ومن الضعيف ما رواه الطبراني في الكبير عن هند بن أبي هالة في حديث طويل وفيه: أنه كان أشنب, مفلج الأسنان.. قال عنه الألباني في ضعيف الجامع الصغير: ضعيف
ولا يتسع المقام لتتبع هذه الجزئيات والحكم عليها كل واحدة منها، وبإمكان السائلة الكريمة الدخول إلى موسوعات الحديث، وإلى الشاملة وغيرها؛ ففيها الحكم على كثير من الآثار المذكورة، كما يمكنها التعرف على الكثير من المواقع الإسلامية المعتمدة من خلال موقعنا هذا, وموقع سلطان, أو موقع طريق الإيمان.
هذا؛ وننبه إلى الضعف في هذه الأوصاف ليس معناه أنها كذب أو موضوعة، ولكن الغالب أن ذلك من حيث الصناعة الحديثية وقواعد التصحيح والتضعيف؛ فقد كان السلف - رضوان الله عليهم - يتساهلون في نقل السير والأخبار التي لا يؤخذ منها حكم في العقيدة والحلال والحرام؛ ولهذا قال العراقي في ألفية السيرة:

وليعلمِ الطالبُ أنَّ السّيَرَا * تَجمَعُ ما صحَّ وما قدْ أُنْكرَا.

وقال بعضهم: تجمع ما صح وما قد ذكرا, أي عن أهل الأخبار والسير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني