الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاستكثار من صلاة الليل أعظم للأجر

السؤال

ما هو الأفضل والأعظم أجرا وثوابا أن أزيد في إطالة صلاة الليل ركوعا وسجودا وغيرهما ثم أنام بعد الشروق لأرتاح وأسترد ساعات النوم فأستيقظ قبيل الظهر ولا أصلي إلا الضحى ثم أخرج إلى صلاة الظهر؟ أم لا أطيل صلاة الليل وأقرأ فيها وردي بدون إطالة غير القيام وأنام بعد الشروق لأرتاح وأسترد ساعات النوم بوقت أقل من الحالة الأولى ثم عندما أستيقظ يكون عندي الوقت لأصلي الضحى وأزيد عليها ركعات كثيرة قبل الظهر؟ فما تنصحونني به سأفعله جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالظاهرأن الحالة الأولى أفضل إذا لم يترتب عليها ضياع حق واجب، لما فيها من إطالة قيام الليل، مع عدم تفويت صلاة الضحى وصلاة الظهر، وذلك لأن نافلة الليل أفضل من نافلة النهار ما عدا السنن الرواتب، لحديث: أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ الصَّلَاةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ. رواه مسلم.

قال النووي في شرح صحيح مسلم: فِيهِ دَلِيلٌ لِمَا اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ أَنَّ تَطَوُّعَ اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنْ تَطَوُّعِ النَّهَارِ. انتهى.

وقال المناوي في فيض القدير: أفضل الصلوات بعد المكتوبة ـ أي ولواحقها من الرواتب وما أشبهها مما يسن فعله جماعة، إذ هي أفضل من مطلق النفل على الأصح ـ الصلاة في جوف الليل ـ فهي فيه أفضل منها في النهار، لأن الخشوع فيه أوفر لاجتماع القلب والخلو بالرب. انتهى.

وفي الجامع لأحكام القرآن لأبي عبدالله القرطبي عند تفسير قوله تعالى: إنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا {سورة المزمل: 6} بَيَّنَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَضْلَ صَلَاةِ اللَّيْلِ عَلَى صَلَاةِ النَّهَارِ، وَأَنَّ الِاسْتِكْثَارَ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا مَا أَمْكَنَ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ، وَأَجْلَبُ لِلثَّوَابِ. انتهى.

ثم إننا ننبه إلى أن من أهل العلم من يرى أن الدوام على قيام الليل كله غير مستحب، لما في ذلك من الإضرار بالنفس وتفويت بعض الحقوق، بل الأولى أن يصلي بعض الليل وينام بعضه، قال النووي أيضا: قَالَ أَصْحَابُنَا: يُكْرَهُ صَلَاةُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا لِكُلِّ أَحَدٍ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَوْمِ الدَّهْرِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَا يُفَوِّتُ حَقًّا بِأَنَّ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْإِضْرَارِ بِنَفْسِهِ وَتَفْوِيتِ بَعْضِ الْحُقُوقِ، لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَنَمْ بِالنَّهَارِ فَهُوَ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ، وَإِنْ نَامَ نَوْمًا يَنْجَبِرُ بِهِ سَهَرُهُ فَوَّتَ بَعْضَ الْحُقُوقِ، بِخِلَافِ مَنْ يُصَلِّي بَعْضَ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ يَسْتَغْنِي بِنَوْمِ بَاقِيهِ، وَإِنْ نَامَ مَعَهُ شَيْئًا فِي النَّهَارِ كَانَ يَسِيرًا لَا يَفُوتُ بِهِ حَقٌّ، وَكَذَا مَنْ قَامَ لَيْلَةً كَامِلَةً كَلَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ غَيْرِهَا لَا دَائِمًا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ، لِعَدَمِ الضَّرَرِ. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني