الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حالات استحباب العارية ووجوبها وحرمتها

السؤال

متى تستحب العارية؟ ومتى تجب؟ ومتى تحرم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمسائل البحوث التي تحتاج شرحا وتفصيلا ليس من شأن القسم التعرض لها، إذ لها مواقع ومنتديات يمكن البحث عنها في محركات البحث، وهذه الخدمة خاصة بالفتاوى والمسائل الشرعية التي تشكل على المرء في أمر دينه. لكن تنزلا عند رغبتك نجيبك عما سألت عنه إجمالا فنقول :

العارية هي : تمليك منفعة مؤقتة بلا عوض، أو إباحة الانتفاع بما يحل الانتفاع به مع بقاء عينه ليردها على مالكها. وقيل في تعريفها غير ذلك .

وأما حكمها فمستحبة عند جمهور الفقهاء، وقيل: تجب مع غنى المالك، وهي رواية عن الإمام أحمد ، اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية فقد قال كما في الفتاوى 28/98: فأما إذا قدر أن قومًا اضطروا إلى سكنى في بيت إنسان إذا لم يجدوا مكانًا يأوون إليه إلا ذلك البيت، فعليه أن يسكنهم، وكذا لو احتاجوا إلى أن يعيرهم ثيابًا يستدفئون بها من البرد، أو إلى آلات يطبخون بها، أو يبنون أو يسقون، يبذل هذا مجانًا، وإذا احتاجوا إلى أن يعيرهم دلوا يستقون به أو قدرًا يطبخون فيها، أو فأسًا يحفرون به، فهل عليه بذله بأجرة المثل لا بزيادة؟ فيه قولان للعلماء؛ في مذهب أحمد وغيره، والصحيح وجوب بذل ذلك مجانًا إذا كان صاحبها مستغنيًا عن تلك المنفعة وعوضها، كما دل عليه الكتاب والسنة، قال الله تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ. وفي السنن عن ابن مسعود قال: كنا نعد (الماعون) عارية الدلو والقدر والفأس. وفي الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لما ذكر الخيل قال: هي لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر، فأما الذي هي له أجر فرجل ربطها تغنيًّا وتعففًا، ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها. وفي الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: من حق الإبل إعارة دلوها وإضراب فحلها . وثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن عسيب الفحل وفي الصحيحين عنه أنه قال: لا يمنعن جار جاره أن يغرز خشبة في جداره. وإيجاب بذل هذه المنفعة مذهب أحمد وغيره. ولو احتاج إلى إجراء ماء في أرض غيره من غير ضرر بصاحب الأرض، فهل يجبر؟ على قولين للعلماء: هما روايتان عن أحمد، والأخبار بذلك مأثورة عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال للممتنع: والله لنجرينها ولو على بطنك، ومذهب غير واحد من الصحابة والتابعين: أن زكاة الحلي عاريته، وهو أحد الوجهين في مذهب أحمد وغيره. والمنافع التي يجب بذلها نوعان : منها ما هو حق المال ، كما ذكره في الخيل والإبل وعارية الحلي ، ومنها ما يجب لحاجة الناس. اهـ

فهذا مقام الاستحباب ومقام الوجوب، وأما مقام الحرمة فهو حيث كان في بذل العارية تضييع واجب أو وقوع في مفسدة دون المصلحة المرجوة من بذلها، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وإن كانت المفاسد درجات بعضها يصل حد الحرمة كمفسدة تضييع الواجب والوقوع في الحرام، ومفسدة دون ذلك لا تتجاوز حد الكراهة أو خلاف الأولى. كما تحرم العارية إن كان فيها اعتداء على حق الغير أو حق من حقوق الله.

جاء في الموسوعة الفقهية: ... فلا يجوز إعارة الفروج للاستمتاع , ولا آلات الملاهي للهو , كما لا تصح الإعارة للغناء أو الزمر أو نحوهما من المحرمات , فالإعارة لا تبيح ما لا يبيحه الشرع. اهـ

وفي المسألة تفصيل لا يتسع المقام لبسطه .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني