الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زنت زوجته برجل.. سبل العلاج وموقف الزوج منهما

السؤال

أنا رجل عمري 39 عامًا, متزوج من امرأتين: الأولى تزوجتها عام 2005، وكان عمرها حوالي 19عامًا, وكان عمري وقتها 32 عامًا, وكانت ظروفي المادية متواضعة للغاية, وكنت أحبها جدًّا, وبسبب ظروف عملي انتقلت إلى مدينة أخرى, وفي هذه الفترة ذقت الأمرَّين منها؛ بسبب الظروف المالية, وبسبب أهلها الذين كانوا دائمي التعيير لها؛ لأنها اختارت رجلًا فقيرًا مثلي, وبعد زواجي بعام بدأت ظروف عملي تتغير, وبدأت أعمل أكثر من 15ساعة؛ لأني تقلدت مركزًا متميزًا, وتحسنت ظروفي إلى أقصى حد, ولكن زوجتي لم تتوقف عن المشاكل بسبب العمل, وبسبب أهلها, وفي هذه الأثناء - وتحديدًا عام 2006- رزقنا الله طفلة, وتحسنت أموري المالية جدًّا, ولكنها لم تتغير, ولم تكن نظيفة لا في بيتها, ولا في نفسها, وإذا بي عام 2007 أتعرف إلى امرأة أخرى وتزوجتها عام 2008, وأصبحت لدي شركة خاصة بي, وكان عمر الثانية 25 عامًا, ولكني فضلت الأولى على الثانية في الأيام, وفي المعاملة؛ حتى لا تشعر بأي فارق, ورزقت بولد من الزوجة الأولى, وفي هذه الفترة توطدت العلاقة ببعض الموظفين الذين يخدمون تحت إدارتي, وبأسرهم أيضًا, فتحينت هذه الفرصة وتركت زوجتي الأولى تزورهم حتى تحسِّن من نفسها, وتخرج من الجو الذي هي فيه, وإذا برجل متزوج من هؤلاء - لديه طفلة, وكان يعمل عندي في شركتي, وهو أقل مني في كل شيء - استطاع الإيقاع بزوجتي الأولى؛ لأنها أشعرت الآخرين أنني أجرمت جرمًا كبيرًا بالزواج عليها, وبدأت علاقتهم في التطور عن طريق الهاتف؛ حتى نشأت بينهم علاقة حب آثمة, واتفقوا أن يلتقوا في الاستراحة الخاصة بي عن طريق زوجتي, ووضعت المفتاح في جيب ابني علي, وحدث أول لقاء بينهم يوم 23/09/2009, ولم يحدث الزنا كاملًا, وفي يوم 11/10/2009, اكتشف مكالمة تليفونية مع ذلك تدل عن الود بينهما, دون الخروج عن المألوف, وقمت بتعنيفها وضربها, ولكنها حلفت أنها مجرد مكالمة عادية بينها وبين زوج صاحبتها, وعاقبتها على هذا الأمر بكل أنواع العقاب, وسافرت إلى الخارج لظروف عملي, وفي هذه الفترة كانت حاملًا بالطفلة الثالثة, وطلبتْ منه أن تقابله في نفس الاستراحة وحدث الزنا, وكان أولادي معها نائمين في الغرفة الأخرى, وتكررت هذه المقابلات عدة مرات, وفي إحدى هذه المرات قام هذا الرجل بتصوير علاقة الزنا بينهم بالفيديو؛ لأنه أحس أن زوجتي بدأ يصحو ضميرها, وقام بتسجيل بعض مكالمات الحب بينهم, وبعض محادثات الشات بالكاميرا, وماذا كانت تفعل معه على الكاميرا من تعرية جسدها, وفي شهر 10سنة 2010 انقطعت زوجتي عنه, فقام بتهديدها بالفيديو ليحصل على ما يريد منها, ولكن لم يحدث ذلك, وابتعدت زوجتي عنه تمامًا, ورزقت بالطفلة الرابعة 2012, بالإضافة إلى ولد وبنت من زوجتي الثانية, وفي هذه الأيام اكتشفت زوجتي الثانية عن طريق الصدفة هذه العلاقة التي انتهت منذ سنتين, وواجهت زوجتي الأولى بها, وقاما بالاتفاق سويًّا لأخذ هذه التسجيلات والفيديو, وإنهاء هذا الأمر تمامًا, ولكن لم تستطع زوجتي الأولى الصبر, وقامت بالاعتراف لي؛ مما أفقدني كل شيء: كرامتي, شرفي, عرضي, وأصبحت مثل المجنون, لا أعلم ماذا أفعل, وقمت بمواجهتهم سويًا, وعرفت جميع التفاصيل منهم, والتي ذكرتها لكم, وشاهدت الفيديو الذي يجمعهم, وقال لي هذا الرجل: إنه نادم, وإنه أراح ضميره بالاعتراف لي, وإنه تحت قدمي, وإنه لا يبالي بما سوف أفعله, فالمهم أنه اعترف لي, وأما زوجتي فقد قالت: إن هذا الرجل أغواها؛ بسبب بعدها عن الله, وبعدي عنها لفترات, وإن هذه العلاقة كانت في أولها بإرادتها, لكن سرعان ما فاقت إلى نفسها وأنها لم تحبه ولم.. ولم.. ولكن الفيديو يثبت عكس ذلك, وقالت: إنها تابت ورجعت, وتطلب مني السماح والرحمة, وعدم تضييعها وتضييع الأولاد بتطليقها, ولكني لم أذق النوم ولا الراحة, مع العلم أنني بكامل صحتي - والحمد لله - وأنني لم أقصر في معاشرتها كزوجة, وقمت بتوفير كل شيء لها, وأصلي جميع فروضي, فماذا أفعل مع هذا الرجل؟ وماذا أفعل مع زوجتي؟ أريد رأي الشرع في ذلك.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن هذا من البلاء العظيم أن تقدم امرأة متزوجة على مخادنة رجل أجنبي عنها, والوقوع معه في الفاحشة, والتي قال الله عز وجل عنها: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء:32}، وللمزيد فيما يتعلق بالزنا وقبحه راجع الفتوى رقم: 1602.

فإذا كانت زوجتك قد فعلت ما نسبت إليها من منكرات فإنها بذلك عاصية لربها, ومفرطة في حق زوجها, يجب عليها أن تتوب توبة نصوحًا, وتستسمحك فيما بدر منها، وشروط التوبة مبينة بالفتوى رقم: 5450.

فإن تابت إلى الله وأنابت واستقام أمرها فأمسكها عليك, وأحسن عشرتها, واجتهد في نسيان ما مضى، واحرص على تعليمها أمر دينها, وتزكية نفسها بعمل الصالحات، واعمل على صيانتها بالحجاب, والبعد عن مخالطة الرجال الأجانب ودخولهم عليها، وكن قدوة لها في الخير، والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}، قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: علموهم وأدبوهم, وانظر الفتوى رقم: 102840.

هذا بالنسبة لزوجتك، وأما هذا الرجل فذكره بالله تعالى، وقل له في نفسه قولًا بليغًا، وذكره بخطورة ما أقدم عليه من خيانة لمسلم في أهله وانتهاك لعرضه، وأنه قد يجازى بمثلها في أهله، فالجزاء من جنس العمل، وراجع بهذا الخصوص الفتوى رقم: 164967 ويجب إتلاف التسجيلات والفيديو ونحو ذلك مما اشتمل على هذه المنكرات.

وننبه في الختام إلى أمرين:

الأمر الأول: أن الواجب على من وقع في الذنوب والمعاصي - بعد التوبة - أن يستر على نفسه، فلا يخبر بمعصيته أحدًا, فقد أخطأت زوجتك حين صرحت لك بما فعلت مع هذا الرجل, وراجع الفتوى رقم: 33442.

الأمر الثاني: أنه يجب على الزوج أن يعدل بين زوجتيه، ولا يجوز له أن يؤثر إحداهما على الأخرى إلا برضاها, فإن كان ما ذكرت من تفضيلك الأولى في الأيام تقصد به تفضيلها في المبيت عندها، ولم يكن ذلك برضا الثانية، فقد أسأت وتجب عليك التوبة, وهل تقضي للثانية ما فات أم لا؟ في ذلك خلاف بين الفقهاء أوضحناه بالفتوى رقم: 52834.

وأما التفضيل في المعاملة إن قصدت به الأمور العاطفية وما يمكن أن يترتب عنها من لين الجانب أو القبلة واللمس ونحو ذلك، فهذا لا حرج فيه, قال ابن قدامة في الشرح الكبير: ولا تجب التسوية بينهن في الاستمتاع بما دون الفرج من القبلة واللمس ونحوهما، لأنه إذا لم تجب التسوية في الجماع ففي دواعيه أولى. اهـ. ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 48573.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني