الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفضل الذكر وهل يقتصر على قراءة سورة الإخلاص دون غيرها

السؤال

ما هو أفضل الذكر؟ وهل أحافظ على قراءة سورة الصمد لأنها تعدل ثلث القرآن؟ أم أستغفر فقط؟ أم أقرأ قرآنًا مع قراءة سور متعددة؟ أم أسبح وأهلل؟ أم أنوع؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن ذكر الله تعالى من أفضل القربات, وأعظمها أجرًا، والأدلة على ذلك كثيرة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك قول الله سبحانه: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا {الأحزاب:35}, ومن أعظم فوائد ذكر الله تعالى اطمئنان القلب، قال سبحانه: أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}، وذكر الله تعالى علامة على حياة قلب صاحبه؛ ففي الصحيحين عَنْ أَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لاَ يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ.

والذكر وسيلة لجِلاء القلوب من صَدَئها؛ فعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ تَصْدَأُ، كَمَا يَصْدَأُ الْحَدِيدُ إِذَا أَصَابَهُ الْمَاءُ" قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا جِلَاؤُهَا؟ قَالَ: "كَثْرَةُ ذِكْرِ الْمَوْتِ, وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ". رواه البيهقي في شعب الإيمان.

ومن سَعَة رحمة رب العالمين أنه سبحانه وتعالى نوَّع الأذكار التي يُحب أن يذكره بها عباده؛ دفعًا للسآمة عنهم، وكل هذه الأذكار طيبة، وكلها يترتب عليها أجر عظيم, ولا شك أن بعض هذه الأذكار أفضل من بعض, والاقتصار على نوع واحد من هذه الأذكار مخالف لمقصود الشرع من التنويع.

والأَولى ذكرُ الله تعالى بجميع ما وَرَدَ حَسب الطاقة؛ ليدخل العبد في كل أبواب الخير, ويُكتبَ من أهلها كلِّها.

وقد دلَّت النصوص على أن القرآن أفضل من كُلِّ ذِكرٍ، وأن الثناء على الله عزَّ وجل أفضل من سؤاله ودعائه، ومع ذلك فإنَّ هناك أذكارًا موظفة هي أَولى ما يقال في وقتها؛ فترديد الأذان وإتباعه بما وَرَدَ خيرٌ من قراءة القرآن حينئذٍ، والتسبيح في الركوع والسجود في الصلاة خير من قراءة القرآن أثناءهما، وانظر الفتويين: 24900 / 59878.

فإذا تقرر هذا؛ فينبغي للمسلم أن يشغل وقته بذكر الله تعالى ليحفظ قلبه حيًا، فإذا فرغ من قراءة ما كُتب له من القرآن فليثنِ على الله تعالى بما هو أهله، وليُكثر من قول: "لا إله إلا الله" الذي هو أفضل الذكر، وليحرِص على الإتيان بالأذكار المُوَظَّفة التي يطلق عليها العلماء: (عمل اليوم والليلة)، وهي مطبوعة في أجزاء صغيرة بحجم الجيب، ومن أشهرها: "حصن المسلم" و"صحيح الكلم الطيب" و"مختصر النصيحة في الأذكار والأدعية الصحيحة".

وينبغي عليه كذلك أن لا يحرم نفسه من فضل قراءة سورة الإخلاص بقدر ما يتيسر له، ولا ينس الصلاة والسلام على البشير النذير إمام الذاكرين الذي دلَّنا على هذه الخيرات, وعرَّفنا ثواب هذه الوظائف!

وبذلك يكون العبد من الذاكرين الله كثيرًا الذين أعدَّ الله لهم مغفرة وأجرًا عظيمًا.

ولمزيد فائدة انظر الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 4811 / 35363 / 21892.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني