الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تفضيل الابن بعطية لصغره وعدم زواجه

السؤال

نحن سبعة إخوة – اثنان من الذكور, وخمس من الإناث - توفيت منهم واحدة منذ سنتين, وأنا أصغر إخوتي, اشترى والدي سنة 1989 شقة بعشرين ألف جنيه, وقطعة أرض بـ 18200 جنيه, فوهب أبي لي الشقة لأنني كنت صغيرًا - لم أتجاوز العشر سنوات - وإخوتي كلهم كانوا متزوجين, ووهب لبقية إخوتي قطعة الأرض, وكنت داخلًا معهم في الهبة, فلما كانت سنة 2003 باع إخوتي قطعة الأرض بسبعين ألف جنيه, وقسموا المبلغ بينهم - للذكر مثل حظ الأنثيين - وأخرجوني من القسمة, وعندما قال لهم الوالد: أعطوا أخاكم, قالوا: "له شقة" ولم يعطوني, وأبي قد كبر في السن الآن, وأصبح ينسى كثيرًا, ولا يدرك الأمور جيدًا, وإخوتي يطالبونني أن نعيد تقسيم ما تم تقسيمه من قبل وفقًا للشرع, فاقترح أخي أن نعرض الشقة للبيع, مع ملاحظة أن الشقة قد سجلها والدي باسمي عندما كبرت, وقال لي: إن هذه الشقة ليست من حقك فبعها, وسنقسم قيمتها بيننا للذكر مثل حظ الأنثيين, ولك عندنا - أنا وأخواتك البنات - حقك من قيمة الأرض التي بيعت سنة 2003 - وهو 15500 جنيه - فاختلفت معه, وقلت له: ولكن الشقة اليوم تقدر بمائتي ألف جنيه, والأرض تقدر اليوم ب 900000 جنيه, وأنتم قد حرمتموني منها عام 2003 عندما بعتموها, وكنت داخلًا فيها ولم تعطوني منها, وقلت له: هل يستقيم أن تسوى الشقة الآن - سنة 2013 - بأرض بيعت سنة 2003 وهي الآن تقدر ب 900000 جنيه؟! فقلت له: فلنرد كل الأشياء إلى أصولها, ونفترض أن الأرض لم تبع حتى الآن, ثم نثمن الجميع ونقسم, فكيف يتم التقسيم الشرعي بيننا؟ وكيف تحسب الأرض؟ هل بثمنها يوم بيعت سنة 2003 أم بتقدير سعرها الآن - ومثلها الشقة - حتى نقسم بيننا بالشرع, ولا يجور أحد منا على الآخر؟ علمًا أن الوالد حي, ولكنه كبر في السن, ولم يعد يدرك الأمور جيدًا, وأصبح ينسى كثيرًا, وهل على والدي إثم أنه قد وهبني هذه الشقة؟ لأن إخوتي كانوا كلهم قد تزوجوا, وأنا كنت حينها صغيرًا, فأراد أبي أن يكون لي شيء في المستقبل.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما فعله الأب من تفضيلك على إخوتك في العطية لا يجوز؛ لحديث: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه. فالعدل في العطية مما أمر الله به، إما على سبيل الوجوب أو الاستحباب على قولين عند أهل العلم, والراجح وجوب المساواة بينهم في العطية, ولا يجوز له تفضيل بعضهم على بعض إلا لمسوغ شرعي إلا إذا رضوا بذلك، فلا مانع من تخصيص بعضهم بالهبة أو تفضيله.

وبناء عليه, فإن كان إخوتك قد رضوا - في السابق - بتصرف الأب في تخصيصه لك بالشقة دونهم, فلا حرج عليك في ذلك, ولا حرج عليك في قبول تلك الهبة, وهي ماضية بعدما حزتها, ولا يلزمك إشراكهم في ثمنها.

وأما إن كانوا لم يرضوا بتصرف الأب: فالواجب العدل في قسمة الشقة, وإشراك بقية الإخوة ذكورًا وإناثا فيها, فلو بيعت فالعدل تقسيم ثمنها على جميع الإخوة, ولا ينبغي تفضيل الذكر على الأنثى في ذلك؛ لأن أهل العلم قد اختلفوا في كيفية التسوية بين الأولاد في العطية، فقال محمد بن الحسن, وأحمد, وإسحاق, وبعض الشافعية والمالكية: العدل أن يعطى الذكر مثل حظ الأنثيين كالميراث.

وقال غيرهم: يسوى بين الذكر والأنثى، وهذا القول الأخير هو الأظهر - إن شاء الله -؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلًا أحدًا لفضلت النساء. أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي من طريقه, وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن.
وعليه, فينبغي العمل بهذا القول في تقسيم ثمن الشقة عند بيعها, ونصيب الأخت المتوفاة يدفع لورثتها.

وأما مسألة قيمة الأرض: فالمعتبر ثمنها الذي بيعت به, ونصيبك من ذلك الثمن باق في ذمة إخوانك, وليس لك غيره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني