الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسائل دفع ضرر الرؤيا المكروهة

السؤال

رأيت رؤيا أخافتني، وأهلي سوف يسافرون قريبا، فهل الصدقة تمنع الرؤيا من أن تتحقق؟ يعني: إذا كتبت علي مصيبة وتصدقت، فهل يكتب الله لي أن لا تصيبني العقوبة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنا نسأل الله لنا ولكم الحفظ والسلامة من كل سوء في الدنيا والآخرة، ثم إنه لا شك أن للصدقة أثراً عظيماً في دفع البلاء والمصائب، كما ورد في الحديث الذي رواه الطبراني، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر. والحديث حسنه الألباني.

وأخرج الحاكم في المستدرك عن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة. وصححه الألباني.

وفي حديث الصحيحين في الكسوف: فإذا رأيتم ذلك فادعو الله وكبروا وصلوا وتصدقوا.

قال ابن دقيق العيد في شرحه: وفي الحديث دليل على استحباب الصدقة عند المخاوف، لاستدفاع البلاء المحذور. انتهى.

وقال شيخ الإسلام: الدعاء سبب يدفع البلاء، فإذا كان أقوى منه دفعه، وإذا كان سبب البلاء أقوى لم يدفعه، لكن يخففه ويضعفه، ولهذا أمر عند الكسوف والآيات بالصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة. انتهى.

وقال ابن القيم ـ رحمه الله: فإن للصدقة تأثيرا عجيبا في دفع أنواع البلاء ولو كانت من فاجر، أو من ظالم، بل من كافر، فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعا من البلاء، وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم، وأهل الأرض كلهم مقرون به، لأنهم جربوه. انتهى.
ثم إننا ننبه إلى أن الرؤيا المفزعة قد لا تكون صادقة، وإنما تكون من تخويف الشيطان للمؤمن، والعلاج أن يكتمها العبد ويستعيذ بالله من الشيطان ويلجأ للصلاة والدعاء، فقد روى مسلم عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: رأيت في المنام كأن رأسي قطع، قال: فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه، فلا يحدث به الناس.
وفي صحيح مسلم أيضاً عن أبي قتادة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرؤيا الصالحة من الله، والرؤيا السوء من الشيطان...

وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: إن كنت لأرى الرؤيا تمرضني قال: فلقيت أبا قتادة، فقال: وأنا كنت لأرى الرؤيا فتمرضني، متى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الرؤيا الصالحة من الله، فإذا رأى أحدكم ما يحب، فلا يحدث بها إلا من يحب، وإن رأى ما يكره، فليتفل عن يساره ثلاثاً، وليتعوذ بالله من شر الشيطان، ولا يحدث بها أحداً فإنها لن تضره. رواه مسلم.
وفي رواية: وليتحول عن جنبه الذي كان عليه.

وفي رواية عند مسلم أيضاً عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل...

فمن فعل هذه الأشياء عندما يرى ما يكرهه، فلن تضره الرؤيا مهما كانت مفزعة ومقلقة، ولذا روى مسلم عن أبي سلمة ـ رحمه الله ـ قال: إن كنت لأرى الرؤيا أثقل علي من جبل، فما هو إلا أن سمعت بهذا الحديث، فما أباليها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني