الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوحدة خير من مصاحبة الطالحين

السؤال

أعيش في الغربة مجبرا على العيش في إقامة جامعية، ويجب علي أن أتعايش مع أفراد جنسيتي حتى لا أكون منبوذا أو مكروها، ومشكلتهم أنهم لا يصلون وقد يكفرون بالله بلعن أو بشتم لربنا، رب السماوات والأرض بسهولة، والكلام البذيء الفاحش بينهم هو ذكرهم، ولا أريد أن أتعلم منهم، وأكره هذه الأشياء، ولكن من أتى معي من دفعتي يتعلمون هذا السوء ويجعلونه أصلاً من أصول الصداقة، فلا صداقة بيني وبينهم إلا إن سببت وشتمت بألفاظ السوء التي يتعلمونها، وكلامهم في الصداقة لا يكون إلا كأهل الجاهلية ـ يعلقون على الأصل والعرق ـ مبدؤهم الصداقة بين بلال الحبشي ومن سبه بأن يبقى يسبه بابن السوداء، ولدى بعضهم بعض من التكبر ورؤية النفس، بحيث يحب الافتخار بنفسه أجهل كيف أتعامل معه، وغيره ساكت طوال الوقت لا يتعلم إلا السوء من الناس، وفي المعظم يبقى ساكتاً من انطوائه لا يخالط الناس، وإذا خالطنا سبّنا بما تعلم من سوء، بالنسبة لي أكره هذا الشيء، وغيري يفرحه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالإنسان مدني بطبعه، يميل لمخالطة الناس ومجالستهم، ويتأثر بهم ويؤثر فيهم، فالطبع لص والصاحب ساحب، ولذلك أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نتحرى في اختيار الصحبة، ونهانا صلى الله عليه وسلم عن مصاحبة غير المؤمنين ومخالطة غير المتقين، فقال صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل.

وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي. رواهما أحمد وأبو داود والترمذي وحسنهما الألباني.

وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا لتأثير الصحبة فقال: إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء: كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحا خبيثة. متفق عليه.

ومثل هذا النافخ في الكير يجب البعد عنه ومجانبته، فمصاحبته خسارة في الدنيا وندامة في الآخرة، قال الله تعالى: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا {الفرقان:27ـ28}.

ويقول الله تعالى: الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ {الزخرف:67}.

فاجتهد ـ رحمك الله ـ في البحث عن حامل المسك والصحبة الصالحة، فإن لم تجد فاعلم أن العزلة أسلم لك، وقد روى ابن أبي عاصم في كتاب الزهد عن أبي ذر قال: الوحدة خير من صاحب السوء.

وقد سبق لنا بيان الخطوات المعينة على تجنب رفاق السوء في الفتوى رقم: 9163.

وأخير ننبه على أن سب الله ـ سبحانه وتعالى وتقدس ـ ليس مجرد معصية، بل هو كفر مجرد، وردة صريحة عن دين الله عز وجل، وراجع لبيان مخاطر مصادقة الملحد، الفتويين رقم: 20995، ورقم: 68016.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني