الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مراعاة شرط الطهارة مقدم على وجوب شهود الجماعة

السؤال

الحمد لله أعمل كل الاحتياطيات للاستيقاظ لصلاة الفجر، والحمد لله أستيقظ من دون أي منبه للصلاة بسبب تعودي عليها، ولكن لدي سلس متقطع ينتهي بعد فترة، وقد كنت في بادئ الأمر أعمل بفتوى شيخ لدينا بأني صاحب سلس، وأصلي به بشكل طبيعي.
ولكني بعد أن قرأت فتوى لديكم بأني لست صاحب سلس، أصبحت أدخل الحمام، ثم أنتظر، ثم بعد ذلك أصلي، ولكن لا أستطيع أن أفعل ذلك في صلاة الفجر؛ لأن النوم يغلبني، وأصبحت تضيع علي كثير من صلوات الفجر بسبب تلك الحالة.
فماذا أفعل هل أصلي الفجر فقط بهذه الحالة؟
كما أني أود السؤال: هل أنا في هذه الحالة أعتبر مفرطا في صلاة الفجر؛ لأني استيقظت عند ميعاد الصلاة، ثم انتظرت انقطاع البول ولكن النوم غلبني لأني تعتب نفسيا جدا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنحذرك -أخي- من تلاعب الشيطان، وتيئيسه لك، بل ينبغي عليك أن تُقبل على العبادة بانشراح صدر، مستحضراً القواعد العظيمة: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}. يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ {البقرة:185}. فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى {آل عمران:195}. وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا {الأحزاب:47}.

ولا يجوز أن تصلي الفجر دون الطهارة المشروعة (طهارة صاحب السلس المتقطع) ، ولا عذر بغلبة النوم، لكن إن غلبك النوم في مرة فلا حرج عليك.

قد يكون الحدث المتقطع عذراً لك في ترك الجماعة.

سُئل الشيخ محمد المختار الشنقيطي: أنا مصاب بمرض سلس الريح فهل يلزم علي أن أتوضأ عند كل صلاة؟"

فأجاب: هذا فيه تفصيل: إذا استمر خروج الريح مع الإنسان بحيث لا يبقى له وضوء بقدر ما يصلي، فإنه يتوضأ عند دخول وقت كل صلاة، ثم يصلي ولو خرج الريح معه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك المستحاضة. أما لو كان الريح يخرج ثم يبقى ثلث ساعة، أو ربع ساعة، أو عشر دقائق لا يخرج، بحيث يمكنه أن يصلي، فحينئذٍ يتوضأ ثم يصلي حتى يتدارك ما قبل خروجه، ولو أدى ذلك إلى تركه للجماعة في المسجد فلا حرج عليه؛ لأن مراعاة شرط الطهارة مقدم على الواجب المنفصل من شهود الجماعة، وهذه الحالة يستثنى فيها وجوب الجماعة فيحكم بسقوطها عن الإنسان إذا كان معه سلس، بحيث يستطيع أن يصلي؛ ولكن في وقت ضيق لا يسعه معه أن يمكث في المسجد {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286].

أما أن يضيع وقت الفريضة فلا يجوز، بل عليك الاستيقاظ في وقت يسعك فيه الطهارة، والصلاة، ويمكنك أن تضبط نومك بحيث لا تفوتك الصلاة، والنفس ما عودتها تتعود، وكم من شخص ادعى استحالة قيامه لصلاة الفجر، ثم تبين له إمكان ذلك، فاحرص، واجتهد.

ويمكن أن تستيقظ قبل الفجر بفترة، فتبول، وتتطهر، ثم تنام، ثم تستيقظ، فتتوضأ، وتُصلي، ويمكنك كذلك أن تستعين بالساعة المنبهة فتضبطها على الوقت الذي يغلب على ظنك فيه أن يزول حدثك، فإذا غلبك النوم فستوقظك بإذن الله تعالى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني