الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من قال(لا أبقى مسلما إن فعلت كذا) وهل يؤثر على نكاحه؟

السؤال

أرجو منكم الصبر وأنتم تقرؤون السؤال، وأرجو والإجابة عليه، وبالله عليكم أجيبوني بالتفصيل، وأريحوني مما أنا فيه.
وهل الموضوع الذي سأذكره يؤثر على زواجي أم لا؟ والله أعاني خوفا شديدا جدا على زواجي، أعاني من وسواس شديد في أمور عدة، ولإجبار نفسي على تجاوزه كنت أحلف على نفسي ألا أفعل شيئا معينا، ولكن للأسف ذات مرة قلت لفظا يخرج من الإسلام، وقلت وأستغفر الله العظيم لقولي هذا" مبقاش مسلمة لو فعلت كذا " ولكن والله بهدف إجبار نفسي على عدم الانجرار في الوسواس، بمعنى أني قلت إني أقع في هذا القول المخرج من الإسلام إذا توضأت أكثر من مرة، ولكن لشدة الوسواس كنت أتوضأ أكثر من مرة، ولكن هذا اللفظ تكرر مني كثيرا بعد ذلك، ولكن والله قلبي مطمئن بالإيمان، بل إني كنت أقول هذا القول لأجاهد نفسي، وإصرارا مني على فعل العبادات، وهذا اللفظ لإجبار نفسي على فعل العبادة بدون وسواس. فسألت ذات مرة أحد الأشخاص فقال: اغتسلي بنية التوبة إلى الله تعالى، وصلي ركعتين، وبعدها بفترة، وبعد زواجي عاودني هذا الفعل كأن مثلا أقول: لو فعلت شيئا معينا سأغتسل، وفي نيتي أن هذا الاغتسال بنية التوبة من الأمر الذي كنت ذكرته ( الخروج من الإسلام والعياذ بالله ) وتكرر الأمر كثيرا ولا أتذكر أنطقته أم لا؟ بمعنى أني نطقت الاغتسال، ولكن لا أتذكر أنطقت النية من هذا الاغتسال أم لا؟ ولكنه كان في نيتي، وللأسف فعلت الشيء الذي حلفت عليه ولكني لم أغتسل لكل مرة نطقت فيها هذا الأمر. وقرأت كثيرا في هذا الأمر، ولكن وسواسي كان يزيد أكثر بالقراءة، ولكني قرأت أن المسلم لا يعد خارجا من الإسلام إلا إذا انشرح قلبه بالكفر وأطمأن به، ولكن هذا والله لم يحدث وأن هذا الأمر لا يقع بمجرد الوسواس، ولكني أجاهد نفسي بهذا الفعل لعمل العبادات بدون وسواس، فأنا الآن حياتي متعبة جدا من كثرة الوسواس في هذا الأمر وغيره وحياتي مدمرة لا أستطيع النوم.
فماذا أفعل هل علي شيء بهذا القول وهل هذا يضر بزواجي، مع العلم أن زوجي لا يدري بهذا الأمر وأخاف أن أذكره له لكي لا يحدث خلاف فيما بيننا، كما أني أتساءل هل بحثي في هذا الموضوع، وقراءة كلمة الكفر وكتابتها والنطق بها بغرض الحكاية والاستفسار والتفكير بها هل تحسب علي أني نطقتها أم لا؟ بالله عليكم أريحوني؛ لأني متعبة جدا، وكثير من الوساوس تراودني بهذا الشأن، وكذلك يراودني وسواس بشأن الطلاق: فذات مرة حدث خلاف بيني وبين زوجي، ولكن الأمور استقامت بعدها بقليل، فكنا نبحث على الانترنت عن شيء معين، فكتب زوجي: الزوج الغاضب، فظهرت صفحة بها أسئلة عن الطلاق فقال لي زوجي "شفت غضب الزوج ممكن يعمل ايه" وبعدها مر الأمر، ولكن بعد شهور تبادر هذا الأمر إلى ذهني، فذكرته له وقلت: هل هذا يحسب علي شيئا؟ فقال بصيغة السؤال: " شئ زي ايه طلقة مثلا ؟ " وهذا كان بصيغة السؤال. فقلت له: لا تنطق هذه الكلمة، فاستهزأ وقال خلاص باقي اثنين. وعند ما قلت له مرة أخرى لا تقل هذا الكلام. قال: خلاص باقي واحدة. فلما رآني جدية بهذا الموضوع سكت وقال لي: معنى كلامك أننا لا نقرب بعضنا حتى نسأل، فبحثت في النت فوجدت سؤالا في صفحتكم أن رجلا قال لزوجته: باقي واحدة بنية التهديد. فقلتم له إن هذا لا يحسب شيئا إلا لو كانت نيته الطلاق. فقال لي: ولا أتذكر أأقسم أم لا أنه لم يفكر إطلاقا في هذه الأمور، ولم ينوها إطلاقا وأن أدع عن نفسي هذه الشكوك ولا ألتفت إليها؛ لأنه لم يوجه لي شيئا، ولكني متعبة من كثرة التفكير. وبعدها مر الأمر وكأن شيئا لم يكن، ولكن الوسواس يراودني كثيرا، وكذلك لأني كتبت لفظة الطلاق مرارا وأنا أبحث عنها على النت، ولكن قرأت أيضا أنها لا تحسب شيئا لأن الطلاق بيد الرجل لا بيد المرأة، ومجرد كتابتي للاستفسار لا تحسب شيئا.
فهل كثرة كتابتي واستفساري في موضوع الخروج من الإسلام والطلاق يحسب علي شيئا؟
أفيدوني يرحمكم الله وأريحوني؛ لأني والله متعبة جدا وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما الوساوس فأعرضي عنها ولا تلتفتي إليها، واعلمي أن حلفك بالبراءة من الإسلام إن فعلت كذا ونحو ذلك، أمر محرم لا يجوز، ولكنه لا يعد كفرا ولا ينقل عن الملة، ومن ثم فلا يؤثر في صحة زواجك.

قال ابن حجر: قال ابن المنذر: اختلف فيمن قال أكفر بالله ونحو ذلك إن فعلت ثم فعل، فقال ابن عباس، وأبو هريرة، وعطاء، وقتادة وجمهور فقهاء الأمصار لا كفارة عليه، ولا يكون كافراً إلا إن أضمر ذلك بقلبه، وقال الأوزاعي، والثوري، والحنفية، وأحمد، وإسحاق: هو يمين وعليه الكفارة. قال ابن المنذر: والأول أصح؛ لقوله: من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله. ولم يذكر كفارة. انتهى.

وبه تعلمين أن زواجك صحيح، وأنه لا يلزمك شيء، ولا يلزمك شيء كذلك بكتابة هذه الكلمات أو غيرها، أو البحث عنها، أو التلفظ بها بقصد الاستفسار والسؤال، فعليك أن تدافعي هذه الوساوس، وأن تسعي في التخلص منها بكل ممكن، واعلمي أنك تؤجرين ما دمت تجاهدين هذه الوساوس؛ وانظري الفتوى رقم: 147101.

وأما ما قاله زوجك فلا يقع به الطلاق ما دام لم يقصده، ولا يقع الطلاق ببحثك، أو كتابتك للفظه؛ لأن الطلاق إنما يملكه الرجل، وكل هذا الذي أنت فيه إنما هو من الوساوس التي يوقع استرسالك معها في شر عظيم، فدعيها عنك ولا تعيريها اهتماما، نسأل الله لك الشفاء والعافية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني