الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الكذب على الوالدين لأخذ مال للسفر

السؤال

ما حكم الكذب على الوالدين من أجل الحصول على المال كطلب المال من الأم لأجل المأكل، ولكن يتم تخزينه لغرض السفر؟
وما حكم هذا المال هل هو حرام أم حلال؟ وكيف يمكن التخلص منه إذا كان حراما واختلط بمال حلال نتيجة جمعه وتخزينه حتى أصبح لا يمكن التفريق بين المال الحلال والحرام؟
وجزاكم الله خيرا على هذا الموقع المبارك إن شاء الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقا. وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا. متفق عليه.
ويعظم إثم الكذب ويزداد قبحه إذا كان مع الوالدين.
والأصل أن مال المرء لا يحل إلا بإذنه وطيب نفسه؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد، وحسنه الألباني. ولعموم قوله عليه الصلاة والسلام: المسلمون عند شروطهم. رواه البخاري تعليقا، ورواه غيره موصولا.
وبخصوص تحايل الابن للأخذ من مال والديه، فإن كان الولد بالغا، وقادرا على الكسب، فإن نفقته لا تجب على والده عند جمهور العلماء، ومن ثم فلا يجوز له التحايل للأخذ من ماله دون إذنه؛ عملا بالأصل.
أما إن كان الوالد موسرا والولد عاجز عن التكسب، وليس له مال، فحينئذ تكون نفقته واجبة على والده، وفي هذه الحالة ينظر إن كان الوالد يبخل بدفع النفقة الواجبة عليه شرعا، فللولد أن يأخذ قدر كفايته المشروعة من مال والده بدون علمه؛ لما في الصحيحين أن هندا قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أبا سفيان رجل شحيح، فأحتاج أن آخذ من ماله قال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. متفق عليه.
إلا أنه يجب تجنب الكذب، وفي المعاريض مندوحة عن الكذب.
أما تحايله للأخذ من أجل الكماليات والترفيه كسفر ونحوه، أو أخذ أكثر من قدر كفايته فلا يجوز.
وانظر الفتويين: 64199، 110142 وما أحيل عليه فيها.
وأما بخصوص الأم، فإنها غير مكلفة بالإنفاق على ولدها في حالة وجود الأب ومقدرته، وحينئذ فلا يجوز لولدها الأخذ من مالها مطلقا إلا بإذنها، فإن كذب عليها فقد غش وخان، ويجب عليه أن يتوب إلى الله من ذلك. ومن تمام التوبة رد المال إلى الأم أو استحلالها منه. وفي حالة الرد يتحرى قدر المال الحرام، فيرد إلى الأم مقدار ما يغلب على ظنه أنه يبرئ ذمته، ولا يلزم إخبارها بحقيقة الأمر بل يكفي أن يدفع لها مالها بطريقة مناسبة.
وانظر الفتاوى أرقام: 43304 ، 153137 ، 120128
وأما عند عدم وجود الأب، أو إعساره فتجب على الأم نفقة ولدها. وفي هذه الحالة، يكون حكم الأخذ من مالها على التفصيل المذكور في حالة الأب وبالضوابط السابق ذكرها.
وراجع بخصوص النفقة على الأبناء الفتاوى أرقام: 119636، 66857، 17147

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني