الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الصلاة في المسجد إذا كان الإمام مبتدعاً

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
أنا أسكن في هولندا في مدينة صغيرة أسسنا فيها مسجدا كلفته أكثر من 500000 اورو معظمها من الحرام (أكثر من 70 في المائة من المبلغ مكتسب من المخدرات والخمر والقمار وتزوير التعويضات الاجتماعية وغير ذلك من الأموال الحرام). سؤالي: هل تجوز فيه الصلوات والجمعة؟ وهل تجوز لي الصلاة في بيتي بدلاً من هذا المسجد؟ مع العلم بأن أهله يحبون البدع ويكرهون السنة.وشكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالمال الحرام الذي لا يُعرف مالكه، أو لا يمكن ردَّه عل مالكه لجهل عينه، كما في اليانصيب الذي يشارك فيه أعداد كثيرة من الناس، فهذا المال ونحوه يجوز أن تبنى به المساجد، وعليه يجوز الصلاة في هذه المساجد بلا كراهة.
يقول ابن رشد الجد المالكي: (وقد قيل: إن سبيل المال الحرام الذي لا يعلم أصله سبيل الفيء لا سبيل الصدقة على المساكين.
فعلى هذا القول تجوز الصلاة دون كراهة في المسجد المبني من المال المجهول أصله).
البيان والتحصيل 18/565.
وأما السؤال عن حكم الصلاة في المسجد إذا كان الإمام مبتدعاً، فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (فهذه المسألة فيها نزاع وتفصيل، فإذا لم تجد إماما غيره كالجمعة التي لا تقام إلا بمكان واحد، وكالعيدين وكصلوات الحج خلف إمام الموسم، فهذه تفعل خلف كل بر وفاجرٍ باتفاق أهل السنة والجماعة، وإنما تدع مثل هذه الصلوات خلف الأئمة أهل البدع كالرافضة ونحوهم ممن لا يرى الجمعة والجماعة إذا لم يكن في القرية إلا مسجد واحد، فصلاته في الجماعة خلف الفاجر خير من صلاته في بيته منفرداً، لئلا يفضي إلى ترك الجماعة مطلقاً.
وأما إذا أمكنه أن يصلي خلف غير المبتدع، فهو أحسن وأفضل بلا ريب لكن إن صلى خلفه ففي صلاته نزاع بين العلماء، ومذهب الشافعي وأبي حنيفة تصح صلاته، وأما مالك وأحمد ففي مذهبهما نزاع وتفصيل.
وهذا إنما هو في البدعة التي يعلم أنها تخالف الكتاب والسنة مثل: بدع الرافضة والجهمية، ونحوهم.
فأما مسائل الدين التي يتنازع فيها كثير من الناس في هذه البلاد مثل: مسألة الحرف والصوت ونحوها، فقد يكون كل من المتنازعين مبتدعاً وكلاهما جاهل متأول، فليس امتناع هذا من الصلاة خلف هذا بأولى من العكس، فأما إذا ظهرت السنة وعلمت فخالفها واحد، فهذا هو الذي فيه النزاع). انتهى كلامه رحمه الله.

هذا ولا يعذر بترك الصلاة في المسجد إن كان به بدعة أو منكر، فيحضر وينكر حسب استطاعته.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني