الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يلزم من تفوته صلاة الظهر والعصر ويمنع من الصلاة في العمل

السؤال

أنا مسلم مقيم مؤقتا في دولة اسكندنافية لمدة 6 شهور؛ لإنجاز مهمة علمية، ولدي مشكلة أحتاج الفتوى والمشورة فيها، وهي: أنني في جامعة بعيدة عن أي مسجد (لا توجد مساجد كثيرة في هذه الدولة)، ولا توجد حتى وسائل مواصلات متتابعة بوقت ملائم مع مواعيد الصلاة وخاصة الظهر والعصر. علما بأن صلاة الظهر وصلاة العصر وصلاة المغرب يأتين في غضون 4 ساعات ونصف فقط نظرا لقصر ساعات النهار هنا.
ومشكلتي: أنني أذهب للبيت بعد وقت أذان المغرب، فأستطيع أداء صلاة المغرب في وقتها قبل وقت العشاء، ثم أقوم بأداء صلاة العصر (في غير وقتها) مع صلاة المغرب؛ وذلك لأن القوانين هنا تمنع أداء أي شعائر دينية أو عبادات في مكان العمل.
فماذا أفعل في قضاء صلاة الظهر: هل أصليها مع العصر والمغرب في البيت بعد العودة من الجامعة؟
أفيدوني أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فلا يجوز بحال تأخير صلاة العصر إلى وقت المغرب، وقد قال النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ. رواه البخاري. ولا يجوز تأخير صلاة الظهر كذلك، والواجب عليك -أخي السائل- أن تصلي الصلاة لوقتها، وإذا كانت القوانين في تلك البلاد تمنع أداء الصلاة في مكان العمل فاخرج إلى مكان عام -كحديقة الجامعة- وصلّ؛ فالأرض كلها مسجد وطهور، وبكل حال لا نجد لك رخصة فيما تفعله من تأخير صلاتي الظهر والعصر، وإذا كنت تُمْنَعُ من الصلاة حتى في الأمكان العامة فإنه يجب عليك الخروج من تلك البلاد؛ إذ لا يجوز للمسلم أن يقيم في بلاد يمنع فيها من إقامة شعائر دينه، وتجب عليه الهجرة حينئذ؛ قال ابن قدامة في المغني:
فَالنَّاسُ فِي الْهِجْرَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ؛ أَحَدُهَا: مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهَا، وَلَا يُمْكِنُهُ إظْهَارُ دِينِهِ، وَلَا تُمْكِنُهُ إقَامَةُ وَاجِبَاتِ دِينِهِ مَعَ الْمُقَامِ بَيْنَ الْكُفَّارِ، فَهَذَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْهِجْرَةُ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 97]. وَهَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ، وَلِأَنَّ الْقِيَامَ بِوَاجِبِ دِينِهِ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَالْهِجْرَةُ مِنْ ضَرُورَةِ الْوَاجِبِ وَتَتِمَّتِهِ، وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ. اهـ.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني