الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم وصية الأم بذهبها لابنتها وتفضيل الأب بعض أولاده على بعض في العطية

السؤال

أنا الابنة الكبرى، ولي أخوان أصغر مني. أبي وأمي على قيد الحياة، وأنا متزوجة، وأم.
وقد أوصت لي أمي بعد وفاتها بذهبها كله، بموافقة أبي، وعدم اعتراض أخوي، وطلبت مني أن أسألهم إن كان أحدهم يريد الاحتفاظ بشيء للذكرى.
وقد اشترى أبي شقة لكل منهما ليتزوج فيها، ولديه مسكنه مع والدتي، وشقة رابعة فارغة. وأوصى كلاهما -أبي وأمي- أن أختار الشقة التي أريد سواء شقتهما، أو الأخرى الفارغة أيضا، مع عدم اعتراض أخوي.
أما بالنسبة للشقة الرابعة المتبقية، وأي مال، فهو يقسم بشرع الله بيننا.
فما حكم هذا: هل يحق لي أخذ ما أوصيا به برضا أخوي، أم أتجاهل الوصية، وأطلب تقسيم الإرث كله بعد وفاتهما؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن ما ذكرت - بشأن الذهب - يعد وصية لوارث، وربما تكون بأكثر من الثلث، ولا يجوز أي من ذلك إلا بشروط، بيناها في الفتوى رقم: 25102، والفتوى رقم: 95975 فراجعيهما
وأما قولك: "و قد اشترى أبي شقة لكل منهما ليتزوج فيها، ولديه مسكنه مع والدتي، وشقة رابعة فارغة. وأوصى كلاهما -أبي وأمي- أن أختار الشقة التي أريد سواء شقتهما، أو الأخرى الفارغة"

ففيه التفصيل الآتي:

1- بالنسبة لأخويك: فإن شقتيهما - على ما يظهر - هبة لا وصية، فمن حاز منهما شقته قبل موت الواهب، فقد اختص بها، إلا أن يسترجعها منه الوالد الواهب. ومن لم يحزها حتى مات الواهب، بطلت الهبة له، عند الجمهور، فترد لتقسم مع الميراث؛ وانظري الفتوى رقم: 277444

2- أما بالنسبة لك: فإن ما حصل هو وصية لا هبة، وحكمه حكم ما تقدم في الذهب.

3- يجب على الوالد أن يعدل في العطية للأبناء، فيعطيك مثل ما أعطى لإخوتك، أو يأخذ منهم ما أعطاهم حتى يسوي بينكم، ولا يجوز تفضيل أي منكم في العطية، إلا لمسوغ شرعي، وانظري الفتوى رقم: 130055

ولا يكفي - في العدل بينكم - أن يوصي لك بشقة؛ لأنك وارثة. والوصية للوارث غير نافذة، إلا برضا الورثة كما تقدم.

4- إذا مات الواهب - الذي فضل بعض أبنائه على بعض في العطية دون مسوغ شرعي - قبل أن يرد الهبة، أو يعطي مثلها للباقين؛ فإن هبته تمضي بموته، فيختص بها من وهبت له، ولكن ينبغي للموهوب له ردها حتى تقسم مع الإرث.

ومن العلماء من أوجب ذلك، وهو الذي رجحه العلامة ابن عثيمين -رحمه الله- حيث يقول: والصواب: أنه إذا مات، وجب على المفضَّل أن يرد ما فضِّل به في التركة، فإن لم يفعل، خصم من نصيبه إن كان له نصيب؛ لأنه لما وجب على الأب الذي مات أن يسوي، فمات قبل أن يفعل صار كالمدين، والدين يجب أن يؤدى، وعلى هذا نقول للمفضَّل: إن كنت تريد بر والدك، فرد ما أعطاك في التركة. اهـ.

وبهذا تعلمين حكم ما فعل والداك، وما يجب عليهما من العدل في الهبة، وتعلمين أيضا ما تستحقينه من مالهما دون الحاجة لإذن إخوتك، وهو الهبة النافذة، وما لا تستحقينه إلا بإذنهما، وهو الوصية.

أما ما لم تجر فيه هبة، ولا وصية من مالهما، فيقسم عند الموت على الورثة، وفق أنصبائهم المقررة شرعا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني