الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم أخذ أحد الشركاء مالا زائدا عن المتفق عليه دون علم شركائه وكيف يتخلص منه؟

السؤال

تأسست سنة 1995 شركة تضامن (لخدمات الإعلام الآلي)، أعضاؤها ثلاثة، اثنان مساهمان بالعتاد وبالعمل (أي: السجل التجاري باسمهما) والثالث شريك بالمحل فقط (أستاذ جامعي).
عمِلنا لمدة ست سنوات، وكنا نتقاسم المدخول حسب الاتفاق الأول: الشريكان العاملان يتقاضيان راتبًا شهريًّا متواضعًا (5.000,00 دج لكل واحد)، وما بقي نقسمه على ثلاثة.
وفي السنة السابعة أحد الشريكيْن العاملين ذهب لأداء واجب الخدمة الوطنية لمدة سنتين (02) كاملتين، وبقيت (السائل) لوحدي أعمل، أتقاضى مرتبي، والباقي أقسمه على ثلاثة.
إلا أني بعد شهرين أو ثلاثة أحسست أني أتعب من أجلهما دون مقابل، فضعفت نفسي، ورأيت أن هذا ليس حقي، فرفعت مرتبي بثلاثة آلاف (3000.00 دج) دون علمهما، إلى أن أنهى شريكي العامل واجب الخدمة الوطنية وعاد إلى المحل، وتناقشنا في مصير الشركة.
وبعد أيام قليلة وجد شريكي عملًا آخر فذهب، لكنه أراد أن يبقى شريكًا بالعتاد، أي: يأخذ مقابلًا عنه كما يأخذ الشريك الثالث صاحب المحل.
صدمني في البداية إذ لم يخبرني أنه يبحث عن عمل آخر، ذلك أني تعبت أثناء غيابه، وكان بإمكاني أن أحل الشركة، لكنني لم أفعل بدافع المحافظة على الشركة، وخشية القول أني عرضت الشركة للإفلاس، أو لم أكن وفيًّا، فصبرت سنتين من أجل الشريك العامل حتى لا أخون الأمانة، وأحافظ على مدخوله حين يعود. علمًا أني جاءتني فرصة عمل في مؤسسة عمومية أثناء غيابه، فرفضت. إلا أني أشعر الآن أني خنت الأمانة، حين رفعت مرتبي دون علمهما، وأريد أن أتحلل في الدنيا قبل الآخرة.
الشركة حُلّت منذ سنوات وصُفّيت، وتقاسمنا العتاد وما بقي من سيولة على ثلاثة بالتراضي.
العلاقة بيننا طيبة جدًّا.
السؤال: فهل أرد لكل واحد ما أخذته (كمرتب) من مدخول الشركة، أي: 3000.00 دج × عدد الأشهر (لكل واحد منهما)؟ أم أرد الثلث، أي: 1000,00دج × عدد الأشهر (لكل واحد منهما)؟ كون الشركة انتهت، وسأرد لهما من مالي الخاص.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد تضمن سؤالك أمورًا تحتاج في حكمها إلى تفصيل، وسبب ذلك أنكم لم تسألوا قبل إبرام عقد الشركة عن الضوابط الشرعية اللازمة لذلك، والسؤال إنما يكون قبل الإقدام، لا بعده!

ونقتصر في الجواب على ما استشكلته دون الخوض في غيره، فنقول: إن ما فعلته من زيادة راتبك دون إذن شركائك لا يجوز، وهو من الخيانة، وقد جاء النهي عنها في الحديث القدسي الذي رواه أبو داود، والحاكم وصححه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهما. قال الشوكاني: المراد أن الله -جل جلاله- يضع البركة للشريكين في مالهما مع عدم الخيانة، ويمدهما بالرعاية والمعونة، ويتولى الحفظ لمالهما. اهـ.

ولما رواه أبو داود والترمذي عن سمرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "على اليد ما أخذت حتى تؤديه"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرئ من مال أخيه شيء إلا ما طابت به نفسه". رواه أحمد، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، وجوَّد إسناده الدارقطني، والزيلعي، وابن حجر، وحسنه البيهقي. ولأنه كما قال ابن قدامة: (أخذ ملك غيره لنفع نفسه منفردًا بنفعه من غير استحقاق، ولا إذن في الإتلاف، فكان مضمونًا، كالغصب).

وعليه؛ فما أخذته من مال الشركة بلا إذن فأنت ضامن له، فاعرف مقداره، واقسمه بين الشركاء، وقد ذكرت أنك زدت الراتب بـ (3000) فتضربها في عدد الشهور التي أخذتها فيها، والناتج الإجمالي يقسم بين الشركاء مثل قسمة مال الشركة، وأنت منهم، فنصيبك منه لك. فإن كان لكل منهما الثلث، فترد ثلثين، وثلث لك.

وحبذا لو شافهت أحد أهل العلم بالمسألة حيث أنت؛ لأن السؤال عن بعد لا يكفي في مثل هذه المسائل للحاجة إلى الاستفصال عن بعض الحيثيات، وهكذا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني