الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تخصيص آيات معينة للرقية والاعتماد على التجربة فيها

السؤال

في الفتوى 23044 ذكرتم أنه ﻻ بأس بالدعاء هذا ما دام أنه ﻻ يعتقد بسنيته.
نحن عندنا من الصوفية من يقول هذا كذلك أيضا مثلا من قرأ 3 مرات آية كذا شفي من كذا أو حصل له كذا.
حتى أن صديقي كان مرة مريضا فرآه أحد كبار السن فقال له تعال فقرأ عليه 41 مرة ﻻ إله إلا الله و11 مرة دعاء آخر وقال هذا مجرب وهذا ليس بدعة وأنه من القرآن الكريم اقتبسته .
وقد قرأت كذلك عندكم أنه ورد عن بعض السلف مثلا آية لتيسير الحمل والوﻻدة على ما أظن أنه ابن عباس.
سؤالي: هل التجربة جائزة مثلا يقول شخص أنا جربت هذا الدعاء و حصل لي ما أريد ؟
وما الفرق بينها وبين البدعة ؟وكيف نفهم كلام ابن عباس رضي الله عنه ؟
أتمنى أن تكون هناك قواعد حتى نفهم الموضوع بشكل عام.
أرجو التوضيح في هذا الأمر وإيضاح الإشكالية التي وقعت. وجزاكم الله خيرا .

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبق لنا في الفتوى رقم: 151195، تناول مسألة الاعتماد على التجربة في مسائل الاستشفاء، ونقلنا فيها أن بعض أهل العلم ـ كالحاكم، والبيهقي، والواحدي، والمنذري، وابن عطية، والقرطبي، وابن تيمية، وابن القيم، وابن الجزري، والسيوطي، وابن عقيلة المكي ـ يرون ذلك، ونقلنا أسباب المنع منه، فراجعها.

ومما يتفرع عن هذه المسألة مسألة تخصيص سور معينة، أو أدعية معينة وقراءتها بعدد معين أو لمدة معينة في الرقية، إن استند ذلك إلى التجربة، قال الدكتور أحمد بن عبد الله آل عبد الكريم في رسالته العلمية للماجستير: البدع العملية المتعلقة بالقرآن ص: 415 ـ والحاصلُ أن ما خُصَّ من الرُّقى مما ليس له أصل، لا تصح نسبة تخصيصه إلى الشريعة، وإن صحَّت الرقية به لسلامته من الشرك... وإذا ثبت لبعض الرقاة في بعض الآيات أثر، فإنه لا يصح جعل هذا الأثر من فضائل السورة، أو من خصائص الآية، ولا يحق له أن يجعله شرعًا لغيره، ما لم يرد لتخصيصه دليل، إذ إن التأثير بآية من آي القرآن قد يكون له أسباب أخرى، كيقين الراقي والمرقي بشفاء القرآن، أو قبول المحل المرقيِّ للقراءة... وفي المقابل فإنه لا يسوغ منع الراقي من الرقية بما يراه من الآيات، حتى لو اقتصر على بعضها، ما لم يزعم أن لها فضيلة، أو خاصية لم ترد بها السنة. انتهى.

فالخلاصة أن من قرأ آيات مخصوصة أو أدعية معينة سالمة من الشرك لغرض معين من باب الاقتداء بتجارب بعض العلماء والصالحين دون أن ينسب ذلك إلى الشرع، أو يعتقد أن الشرع قد ورد بذلك، يرجى ألا يكون عليه إثم في ذلك وإن كان الأسلم والأولى ترك ذلك، والتقيد بالوارد والمأثور، وعلى المسلم أن يعتقد أن القرآن كله شفاء، وأما أن يدعي الراقي أن رقية معينة لها فضائل وخصائص من غير دليل شرعي، فإنه يخرج بهذه الرقية من الجواز إلى البدعة وراجع الفتوى رقم: 314371.

وأما أثر ابن عباس: فقد ذكره غير واحد من أهل العلم، وهو يدل على جواز تخصيص آيات معينة في الرقية من غير نسبة ذلك إلى الشرع، وممن ذكر أثر ابن عباس شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى، حيث قال رحمه الله: وَيَجُوزُ أَنْ يَكْتُبَ لِلْمُصَابِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَرْضَى شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَذِكْره بِالْمِدَادِ الْمُبَاحِ وَيُغْسَلُ وَيُسْقَى، كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَحْمَد وَغَيْرُهُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَد: قَرَأْت عَلَى أَبِي، ثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْحَكَمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إذَا عَسِرَ عَلَى الْمَرْأَةِ وِلَادَتُهَا فَلْيَكْتُبْ: بِسْمِ اللَّهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ، سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ: كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ـ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ـ قَالَ أَبِي: ثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ بِإِسْنَادِهِ بِمَعْنَاهُ، وَقَالَ: يُكْتَبُ فِي إنَاءٍ نَظِيفٍ فَيُسْقَى، قَالَ أَبِي: وَزَادَ فِيهِ وَكِيعٌ، فَتُسْقَى وَيُنْضَحُ مَا دُونَ سُرَّتِهَا، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: رَأَيْت أَبِي يَكْتُبُ لِلْمَرْأَةِ فِي جَامٍ أَوْ شَيْءٍ نَظِيفٍ، وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَد بْنِ حَمْدَانَ الحيري: أَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ النسو، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَد بْنِ شبوية، ثنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إذَا عَسِرَ عَلَى الْمَرْأَةِ وِلَادُهَا فَلْيَكْتُبْ: بِسْمِ اللَّهِ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ، سُبْحَانَ اللَّهِ، وَتَعَالَى رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ: كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ـ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ـ قَالَ عَلِيٌّ: يُكْتَبُ فِي كاغدة فَيُعَلَّقُ عَلَى عَضُدِ الْمَرْأَةِ، قَالَ عَلِيٌّ: وَقَدْ جَرَّبْنَاهُ فَلَمْ نَرَ شَيْئًا أَعْجَبَ مِنْهُ، فَإِذَا وَضَعَتْ تُحِلُّهُ سَرِيعًا ثُمَّ تَجْعَلُهُ فِي خِرْقَةٍ أَوْ تُحْرِقُهُ. انتهى.

وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتاوى التالية أرقامها: 4310، 98362، 287959.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني