الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

درجة حديث: إذا رأيتم الرايات السود فالزموا الأ‌رض... الحديث

السؤال

جزاكم الله خير على الموقع، ونسأل الله أن يكتب أجركم، ما صحة حديث: إذا رأيتم الرايات السود فالزموا الأ‌رض، فلا‌ تحركوا أيديكم وﻻ‌ أرجلكم، ثم يظهر قوم ضعفاء ﻻ‌ يؤبه لهم، قلوبهم كزبر الحديد، هم أصحاب الدولة، ﻻ‌ يفون بعهد وﻻ‌ ميثاق، يدعون إلى الحق وليسوا من أهله، أسماؤهم الكنى، ونسبتهم القرى، وشعورهم مرخاة كشعور النساء، حتى يختلفوا فيما بينهم ثم.... سمعت الشيخ وسيم يوسف يتكلم به
ولم يتكلم عن صحته، وقد انتشر الحديث بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، وإن قلنا إن الحديث ينطبق على تنظيم الدولة، فهل يجوز لنا أن نجزم بذلك؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا الحديث رواه نعيم بن حماد في كتاب الفتن، وهو حديث ضعيف، فيه ثلاث علل، وقد جاء تضعيف هذا الحديث في الموسوعة الحديثية من الدرر السنية.

وكتاب الفتن لنعيم بن حماد من مظان الأحاديث الضعيفة إذا تفرد برواية حديث ما، فقد قال الذهبي ـ رحمه الله ـ في سير أعلام النبلاء عند ترجمته لنعيم بن حماد: لاَ يَجُوْزُ لأَحَدٍ أَنْ يَحْتَجَّ بِهِ، وَقَدْ صَنَّفَ كِتَابَ الفِتَنِ، فَأَتَى فِيْهِ بِعَجَائِبَ وَمَنَاكِيْرَ. انتهى.

ومما ينبغي التنبيه عليه أن هذا الحديث لو صح لما كان من المنهج الصحيح أن ننزله على واقع معين ونطبقه عليه، فقد قال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ في كتابه: الضوابط الشرعية لموقف المسلم من الفتن ـ في آخر ضابط من تلك الضوابط والقواعد: أن لا تطبق ـ أيها المسلم ـ أحاديث الفتن على الواقع الذي تعيش فيه، فإنه يحلو للناس عند ظهور الفتن مراجعة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في الفتن, ويكثر في مجالسهم: قال النبي صلى الله عليه وسلم كذا، هذا وقتها, هذه هي الفتن! ونحو ذلك، والسلف علَّمونا أن أحاديث الفتن لا تنزَّل على واقع حاضر, وإنما يظهر صدق النبي صلى الله عليه وسلم بما أخبر به من حدوث الفتن بعد حدوثها وانقضائها, مع الحذر من الفتن جميعاً، فمثلاً: بعضهم فسر قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الفتنة في آخر الزمان تكون من تحت رجل من أهل بيتي ـ بأنه فلان ابن فلان، أو أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: حتى يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع، بأن المقصود به فلان ابن فلان, أو أن قال النبي صلى الله عليه وسلم: يكون بينكم وبين الروم صلح آمن... إلى آخر الحديث وما يحصل بعد ذلك، أنه في هذا الوقت، وهذا التطبيق لأحاديث الفتن على الواقع, وبث ذلك في المسلمين, ليس من منهج أهل السنة والجماعة، وإنما أهل السنة والجماعة يذكرون الفتن وأحاديث الفتن، محذِّرين منها, مباعدين للمسلمين عن غشيانها أو عن القرب منها لأجل أن لا يحصل بالمسلمين فتنة, ولأجل أن يعتقدوا صحة ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني