الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما الأولى لمن فاتته صلوات قضاء صلاة مع كل فريضة أم الإكثار من النوافل؟

السؤال

تركت الصلاة مدة سنتين، والآن تبت وأقضيها، فما حكم قضاء صلاة واحدة مع كل صلاة، وأداء النوافل معها، وذلك للتوفيق بين قول من يقول بوجوب القضاء، وبين من يقول بالإكثار من النوافل في حال من لديه صلوات لم يقضها؟ وإذا قضيت صلاتين كل يوم، ومعها النوافل، فقد يصعب عليّ الخشوع، وأيضًا لديّ وسوسة في الصلاة، خصوصًا إذا كثرت الصلوات، وفي نفس الوقت لا أريد أن أترك النوافل؛ لأنها قد تكون هي من تكفّر عني ما فاتني من الصلوات؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

ففي البداية: نسأل الله تعالى لك الشفاء من الوسوسة, وننصحك بالإعراض عنها مطلقًا, فلا تعيريها أي اهتمام؛ لأن ذلك علاج نافع لها, وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 3086.

ولا بد من التنبيه أولًا على وجوب المحافظة على الصلاة, والحذر من تركها، أو التهاون بها, فإن الصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام، فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر فيه من أعمال العبد، فمن حافظ عليها فاز ونجا، ومن ضيعها خاب وخسر، وقد ثبت الوعيد الشديد في حق تاركها، أو المتهاون بها، قال الله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59}، وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون: 4ـ 5}.

ثم إن العلماء مختلفون فيمن ترك الصلاة هل يلزمه القضاء أم لا؟ على قولين، والجمهور على وجوب القضاء، وذهب بعض الفقهاء إلى عدم وجوبه، والأول هو الأحوط، وهو المفتى به عندنا، كما في الفتوى رقم: 128781، وانظري الفتوى رقم: 199973.

وبناء على ذلك؛ فإن القول الراجح أنه يجب عليك قضاء الصلوات التي تركتها سابقًا, ولا يكفيك قضاء صلاة واحدة مع كل فريضة, بل عليك المبادرة بالقضاء بقدر ما تستطيعين في أي ساعة من ليل أو نهار، بحيث لا يترتب على القضاء حصول ضرر في البدن, أو تعطيل في المعيشة، وقد حدد بعض العلماء عدم التفريط في القضاء بصلاة يومين في اليوم الواحد على الأقل، إلا إذا كان يترتب على ذلك ضرر بأمر معيشتك، فقد جاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير على مختصر خليل المالكي: فالْوَاجِبُ حَالَةٌ وُسْطَى، فَيَكْفِي أَنْ يَقْضِيَ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ صَلَاةَ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَلَا يَكْفِي قَضَاءُ صَلَاةِ يَوْمٍ فِي يَوْمٍ، إلَّا إذَا خَشِيَ ضَيَاعَ عِيَالِهِ إنْ قَضَى أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ فِي يَوْمٍ.

وراجعي المزيد في الفتويين رقم: 311647, ورقم: 323521.

ثم إن تقليد مذهب الجمهور الذي هو قضاء الفوائت أقرب للورع, والاحتياط, وهو الأجدر بأن يكون سببًا لتكفير ما سلف من التفريط في الصلوات، وإذا لم تضبطي عدد الصلوات الفائتة, فواصلي القضاء حتى يغلب على ظنك براءة الذمة، وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 61320.

ولمزيد الفائدة عن حكم صلاة النافلة لمن عليه فوائت راجعي الفتوى رقم: 173331.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني