الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصيحة لمن أراد زوجها أن يتزوج عليها ولم تتقبل ذلك

السؤال

أختي متزوجة منذ 23 عامًا من رجل ملتزم، ولكنه عصبي المزاج، ويعرضها لضغوطات نفسية مستمرة، إضافة إلى كونها مصابة بمرض القلب، ومنذ فترة وهو يحاول إقناعها بالزواج من امرأة أخرى من باب كسب الأجر ـ حسب كلامه ـ وأنه يرغب في كفالة أرملة وأيتام كفالة تامة، علمًا أنه غير متفرغ، ويلقي عبء تربية أبنائه ومعظم شؤون البيت على زوجته، وكنت أنصحه بعدم التفكير في التعدد من باب أنه غير قادر على تحمل أعبائه، والعدل بين الزوجات، فقال: إنه يعلم ذلك، وسيشترط عدم العدل من البداية على أي امرأة جديدة قبل الزواج بها، فأبدت أختي رفضها للفكرة تمامًا في البداية، ولكن بعد الضغوط المستمرة وافقت ضمن شروط معينة، ثم تراجعت بعد أن شعرت بجدية الموضوع، وأبدت له عدم قدرتها على تحمل الأمر، سواء من الناحية النفسية أم الصحية، وفي الآونة الأخيرة بدأ زوجها يمهد لها خبر زواجه من امرأة أخرى مطلقة وأوضاعها صعبة ولها أبناء يعيشون مع والدهم وهي تعيش في بلد آخر بعيد، وسيسافر إليها عدة أيام في كل شهر، وربما أقل من ذلك، وقد تعرضت أختي نتيجة الخبر لصدمة نفسية شديدة، دخلت على إثرها العناية المركزة لمدة 24 ساعة، وقالت الطبيبة: إنها عرضة للشلل، أو الموت ـ لا قدر الله ـ إن استمر الوضع على هذا الحال، وأن العامل النفسي له دور رئيس في تحسن حالتها، وأن وضعها خطير للغاية، ولا يحتمل أية ضغوط، فهل التعدد بهذا الشكل، واشتراط عدم العدل استغلالًا لظروف الزوجة الجديدة جائز أصلًا؟ وهل يحق لأختي طلب طلاق الزوجة الأخرى؟ علمًا أن زوجها كان قد وعدها بعدم إتمام أي شيء إلا بعلمها وموافقتها التامة، وأن هذا الزواج ألحق بها أضرارًا نفسية وصحية بالغة، وهل يحق لأختي طلب الطلاق، أو انتقالها للعيش في بيت مستقل هي وأبناؤها ابتعادًا عن الضغوط النفسية، وحفاظًا على حياتها؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كانت الزوجة الجديدة راضية بإسقاط بعض حقها من القسم، فلا حرج على الزوج في ذلك، كما بيناه في الفتوى رقم: 157051.

وعليه؛ فالتعدد بالوضع المذكور جائز ما دامت الزوجة الجديدة راضية بقسمها، لكن يجوز لها الرجوع فيما أسقطته، والمطالبة بحقها من القسم والنفقة، قال المرداوي: يجوز للمرأة بذل قسمها ونفقتها وغيرهما ليمسكها، ولها الرجوع؛ لأن حقها يتجدد شيئًا فشيئًا.

ولا يجوز لأختك سؤال زوجها تطليق زوجته الثانية؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تسأل طلاق أختها لتستفرغ صحفتها، فإنما لها ما قدر لها. صحيح البخاري.

ولا يجوز لها أن تهجر بيت زوجها وتسكن مع أولادها بعيدًا عن زوجها، ولا يحق لها طلب الطلاق لمجرد تزوج زوجها بأخرى، إلا إذا كانت قد اشترطت عليه في العقد ألا يتزوج عليها، فلها شرطها، وانظري الفتوى رقم: 32542.

لكن إذا كانت لا تقدر على البقاء معه على تلك الحال، فلها أن تخالعه.

ونصيحتنا لأختك أن تصبر، وتحذر أن تحملها الغيرة على هدم بيتها، فإن الطلاق ليس بالأمر الهين، وإنما هو هدم للأسرة، وحرمان للأولاد من النشأة السوية بين الأبوين، وفيه من الأضرار النفسية والاجتماعية للمرأة والأولاد ما لا يقاس بأضرار عيشها مع زوجها المتزوج بغيرها، وكثير من النساء اللاتي تطلقن بسبب زواج الزوج بأخرى ندمن على ذلك بعد أن عانين مرارة الطلاق، وبعضهن تزوجن برجل متزوج، ففرت إلى ما هربت منه، وحرمت أولادها من الحياة بين أبويهما، فعليها أن تزن الأمور بميزان الشرع الحكيم، والعقل السليم، وتستعين بالله عز وجلّ، وتكثر من ذكره ودعائه، فإنه قريب مجيب، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 55905.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني