الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل من حق الزوجة منع زوجها من التعدد؟

السؤال

أنا مطلقة في أواخر العشرينات، تعرفت إلى رجل متزوج في العمل، وأبدى إعجابه بي، وقلت له: إذا كنت معجبًا بي، فلتتقدم لي، وأخبرته أن لا سبيل لمعرفته دون زواج، وفعلا قام بخطبتي من والدي، وأهلي رحبوا به، لكن زوجته عرفت وأقامت الدنيا، وهددته أنها ستشحن أهله وأهلها ضده، وأولاده الصغار أيضًا، وهددته بعدم رؤيتهم، واتصلت بي، وقالت ما معناه: حتى لو تزوجنا فستضغط عليه لكي يطلقني، مع أني وعدتها أني لن أضايقها، ولن آخذ من وقتها، وأنه يكفيني أن أراه مرة في الأسبوع؛ لكيلا تنزعج هي ولا أولاده، وأتنازل عن حقوق كثيرة من أجلهم حتى المصاريف سأنزع جزءًا منها؛ لأني أعمل، وعندي دخل، وأنا منهارة جدًّا، وفي بكاء من وقتها، وقد حصلت على فرص للزواج، لكن قلبي كان مغلقًا، وقلبي ارتاح لهذا للشخص جدًّا، ودعوت ربنا كثيرًا أن يصلح حاله في العمل، ويوسع رزقه؛ لكي يستطيع أن يتقدم لي، وحصل ذلك بالفعل، واستجاب ربنا لي، وحصل على وظيفة مرموقة، براتب مرتفع، وهو شخص متدين، وأنا سأرسل لها ردكم، ويعلم الله أن نيتي خير تجاهها هي وأولادها، فهل هي محقة فيما تفعله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان هذا الرجل راغبًا في الزواج منك، وكان قادرًا على العدل بينك وبين زوجته الأولى، فلا حرج عليه في أن يتزوجك؛ لأن الله تعالى أباح للرجل التعدد، وجعل له شرطًا واحدًا، وهو العدل، كما قال سبحانه: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً {النساء:3}.

فلا يشترط إذن زوجته الأولى، أو إعلامها بذلك، فليس من حقها منعه، ولكن غيرة المرأة على زوجها، أمر مفطور في أصل خلقة المرأة، ولم يسلم منها خيرات النساء، كأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك لا يستغرب أن تكون ردة فعل هذه المرأة على هذا الحال. وانظري الفتوى رقم: 152105.

ونوصيك بالاستخارة، فإن كان في زواجك من هذا الرجل خير، فسييسره الله تعالى لك، وإلا صرفه عنك، فالإنسان لا يدري أين الخير، ورب العزة والجلال هو علام الغيوب، قال تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}، وفي الاستخارة طمأنينة القلب، وراجعي فيها الفتوى رقم: 19333، ورقم: 123457.

وفي نهاية المطاف: إن تيسر هذا الزواج، فبها ونعمت، وإلا فلا تتبعي نفسك هذا الرجل، بل ابحثي عن غيره، وأكثري من الدعاء، وفي هذه الحالة عليك أن تقطعي كل علاقة لك به، حذرًا من أسباب الفتنة، ثم إن وقع مع ذلك في قلبك شيء من التعلق به، ففي الفتوى رقم: 9360، بيان لعلاج ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني