الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اتفق مع زوجته الثانية أن يبيت معها ثلاث ليال متتابعة ولم ينفذ

السؤال

أنا متزوجة منذ سنة، وحامل في الشهر الخامس، وزوجة ثانية.
قبل زواجنا اتفقت أنا وزوجي على أن أكون زوجة ثانية، على شرط بيننا غير مكتوب، وهو أن يقوم بتقسيم الأيام بين البيتين 3 أيام متواصلة عندي، وباقي الأسبوع في بيته الأول (تقديرا مني لظروف أنه يعول أسرة مكونة من ستة أفراد) على أن الأيام الأربعة التي لا يحضر فيها، أكون بين بيتي ورعاية أهلي (والدي ووالدتي) وهما كبيران في السن، ومحتاجان لرعاية، قبل الزواج كنت بكرا، ولم يسبق لي الزواج.
بعد الزواج مباشرة، وبعد 10 أيام سفر، رجعنا إلى البيت ولم يبت معي غير يوم واحد فقط، وذهب إلى بيته الأول، وقال سأرتب أموري؛ لأنهم كانوا يعلمون أنه خاطب، لكن لم يعلموا بزواجه، ورجع وقال لي: لقد وافقوا، لكن بشرط لا أبيت عندك أبدا، وطبعا قلت: ليس هناك شرع يرضى بهذا، ولا أنا أرضى به. وبعدها قال لي: وافقوا، لكن سآتيك أيام السبت والاثنين والأربعاء فقط، قلت له: هذا غير الذي اتفقنا عليه، وهذا سيجعلني غير قادرة على الذهاب إلى أهلي غير يوم الخميس ونصف يوم الجمعة فقط (مع العلم أني أعمل) قال لي: جربي، ومن ساعتها ونحن في مشاكل؛ لأنه بهذا الشكل سيكون يوم معي، ويوم أبقى وحدي (وأنا لا أطيق إحساس الغيرة في هذا الوضع، ولا أطيق العيش بمفردي) وهذا إلى أن يأتي في نهاية الأسبوع، وأستطيع أن أذهب لأهلي.
وفي العيد الصغير حصلت مشكلة كبيرة بيننا، وتركني شهرا عند أهلي، وكنت مخطئة، ورجعنا واعتذرت له، لكن ساعتها قرر أن الأيام تبقى يوم، ويوم على طول، طبعا بهذا الشكل أصبحت حياتي مدمرة، أجلس نصف الأسبوع وحدي، لا أستطيع أن أرعى أهلي، ومع الحمل أنا نفسيا تعبانة جدا
(ملحوظة: هو شخص عصبي، وخلال السنة طلقني مرتين، ولم أكن السبب فيهما، وذهبنا لدار الإفتاء ولامه الشيخ كثيرا على الطلقتين، وذهبنا لأنه كانت هناك يمين)
والآن في عيد الأضحى حصلت مشكلة بسبب أنه في إجازة العيد بدل الأيام، ومكث 3 أيام في البيت الأول في العيد (الوقفة وأول يوم عيد وثاني يوم عيد) واتفق معي أن هذا مقابل أننا نسافر يومين بعد العيد؛ لأنه يعلم أن نفسيتي تعبانة جدا، ولما جاء بعد العيد تراجع وصمم أننا لن نسافر؛ وتركت البيت، وذهب هو إلى بيته الأول، ومن ساعتها ونحن لا نتكلم، وظللت في البيت لوحدي، منذ شهر، وأذهب إلى أهلي في الميعاد الذي يعرف، وأرجع إلى بيتي.
السؤال الثاني هو:
1- هل نقضه للعهد الذي اتفقنا عليه، يجوز؟
وما حكم الشرع فيه؟
2-أنا غير قادرة على تحمل طريقة تقسيم الأيام التي قال عليها، حاولت منذ سنة، وغير قادرة، والموضوع دخل معي في تعب نفسي، وأفكر في الطلاق؛ لأنه لن يغير رأيه أبدا، ولن يراعي نفسيتي.
3- ما حكم هجره لي لهذه المدة في الشرع، مع العلم أنه حصل أن النور قطع منذ أسبوع عن البيت، واتصلت به لكي أذهب إلى أهلي، قال لي أنا قادم، وجاء وبات معي ذلك اليوم، وأقام معي علاقة زوجية، دون الحديث عن أي مشاكل، وفي اليوم الموالي غضب، وذهب إلى بيته الأول.
4- طلبت منه كثيرا من ساعة ما تزوجنا، أن يقضي معي الخميس والجمعة والسبت ولو مرة واحدة في الأسبوع، أحس فيها أني امرأة، ولي زوج يعيش معي عدة أيام، وهو رافض تماما، مع العلم أنه من ساعة ما تزوجنا وهو يبيت الخميس والجمعة في بيته الأول، وأيضا في الإجازات الكبيرة يبدل الأيام، على أنه يقضي أكبر قدر في بيته الأول.
سؤالي: ما هو حكم الشرع في ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فرجوع زوجك عن اتفاقه معك على المبيت عندك ثلاث ليال متتالية، لا حرج فيه، وليس من نقض العهد المذموم؛ لأنّ مبيت الليالي المتتالية لا يجوز إلا برضا الزوجة الأخرى.

قال ابن قدامة: يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ لَيْلَةً لَيْلَةً، فَإِنْ أَحَبَّ الزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ، لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرِضَاهُنَّ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَهُ أَنْ يَقْسِمَ لَيْلَتَيْنِ لَيْلَتَيْنِ، وَثَلَاثًا ثَلَاثًا. وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِرِضَاهنَّ. وَالْأَوْلَى مَعَ هَذَا لَيْلَةٌ وَلَيْلَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لَعَهْدِهِنَّ بِهِ، وَتَجُوزُ الثَّلَاثُ؛ لِأَنَّهَا فِي حَدِّ الْقِلَّةِ، فَهِيَ كَاللَّيْلَةِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَلَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا قَسَمَ لَيْلَةً وَلَيْلَةً، وَلِأَنَّ التَّسْوِيَةَ وَاجِبَةٌ، وَإِنَّمَا جَوَّزَ بِالْبِدَايَةِ بِوَاحِدَةٍ، لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ، فَإِذَا بَاتَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ لَيْلَةً، تَعَيَّنَتْ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ حَقًّا لِلْأُخْرَى، فَلَمْ يَجُزْ جَعْلُهَا لِلْأُولَى بِغَيْرِ رِضَاهَا. المغني لابن قدامة.
ومن حقّك على زوجك أن يعدل بينك وبين زوجته الأخرى، فيبيت عندك ليلة وعندها ليلة، ولا يجوز له أنّ يخص إحداكن بمدة متتالية، أو بأيام عيد أو جمعة ونحوها، إلا أن يتم ذلك بالتراضي بين الجميع. وانظري الفتوى رقم: 79949
وأمّا هجر زوجك لك، فإن كان لغير مسوّغ فهو محرم غير جائز، وقد يكون مسوّغاً للتطليق على الزوج عند الرفع إلى الحاكم. قال الدردير(المالكي) رحمه الله: ولها: أي للزوجة التطليق على الزوج بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعا كهجرها بلا موجب شرعي ...
وإن كان هجره لمسوّغ بأن ظهر منك نشوز، فوعظك ولم ترجعي، فهجره لك في المضجع جائز، لكن اختلف أهل العلم في حكم الهجر خارج البيت، فمنعه بعضهم، وأجازه البعض عند الحاجة، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 103280
والذي ننصحك به أن تتفاهمي مع زوجك، وتصبري عليه، ولا تتعجلي في سؤال الطلاق، فالطلاق ليس بالأمر الهين، فلا ينبغي أن يصار إليه إلا عند تعذر جميع وسائل الإصلاح، وإذا استطاع الزوجان الاجتماع والمعاشرة بالمعروف، ولو مع التغاضي عن بعض الهفوات، والتنازل عن بعض الحقوق، كان ذلك أولى من الفراق.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني